الاستخفاف بالعدو -أياً كان- حماقة لا يقترفها سوى قائد جاهل، وقلة الحذر يجلب الهزائم، وإدمان إشعال الصراعات يورد المهالك، وعدم الإخلاص في منازلة التحديات يضاعف الخسائر.
ما أسلفت ذكره ينطق على طبيعة التعاطي الرسمي والحزبي والشعبي مع وباء الإمامة منذ بداية نكبة الانقلاب مروراً بالحرب وصولاً إلى عتبات مرحلة السلام المزعوم.
استخفت السلطة والأحزاب والجماعات بخطورة وباء الإمامة القادم من كهوف صعدة، وتآمر بعضهم بغباء مع الشيطان، وعبدت أخطاء البقية طرقات وصولهم إلى صنعاء، وبعدها الانقلاب على الدولة، ولم يكن ذلك سوى البداية.
اشتركت قيادات سياسية وعسكرية وأمنية وأطراف داخلية وخارجية بإشعال الحرب، واستغلها مختلف الأطراف لتصفية حساباتهم مع خصومهم والاتجار بالمآسي والدماء دون اكتراث بمآلات جرم مواقفهم وسوء أفعالهم.
وقع الأذكياء والأغبياء في وحل حماقاتهم، وما زال بعضهم في غيهم القديم، ويعملون بإذكاء جحيم الصراعات البينية، وإقصاء المخلصين ورفع مكانة الانتهازيين غير المؤمنين بقضية الشعب بمستوى إيمانهم بمصالحهم الخاصة.
بعد أربعة أعوام من الحرب، أصبح لكل طرف تحت راية الشرعية قوة عسكرية أو مليشياوية منفصلة، وهذا الواقع المختل يزيد ضعفهم ويقوي خصمهم، ورغم إقرارهم بخطورة استمرار شتاتهم لم يبادر أي طرف لتوحيد الصفوف.
أثبتت الأحداث عدم حرصهم على إنهاء صراعاتهم والتوجه للحسم كون استمرار الحرب تخدمهم مالياً، ولو كانت فوائدهم ضيئلة مقارنة بفوائد الأطراف الدولية المستفيدة من صفقات السلاح وميزانيات الإغاثة الإنسانية.
طالت الحرب، وبين الحين والآخر ترتفع رأية السلام، وكافة جولات التفاوض مصيرها الفشل لأنها في نظر هذا الطرف استراحة محارب والطرف الآخر يستغلها لتحسين صورته خارجياً، فيما الأطراف الدولية لها حساباتها المالية والسياسية والعسكرية.
الحماقة مستمرة، والكل يحارب الجميع بكل شراسة على أرضنا المهدورة لتحقيق أهدافه وتنفيذ رغبات مموليه على حساب مصلحة الشعب ومستقبل بلدنا المنكوب بغباء أبنائه ودناءة نخبته وأحقاد سلطته.