عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

قدسية وعبث المعركة القومية والوطنية.. لمن النصر اليوم (١)

Monday 28 January 2019 الساعة 08:14 am

كما يأتي الإخفاق والفشل والانهيار نتيجة تأزمات متراكمة وأخطاء وإخفاقات وتعثرات مختلفة؛ فإن النصر كذلك يأتي نتيجة مراجعات جذرية شُجاعة، ومصارحات موضوعية وشفافة، في مواجهة الأخطاء ومراجعتها، بعيدا عن إنكارها والتقليل منها والدفاع عنها والتبرير لها..

ومن هنا يكون الفشل والانهيار مرحلة مؤقتة أو مؤبدة. مؤقتة إذا أخذنا الأمر بكل جدية ومسؤولية ويقظة عقل وفكر، فنجعل من مرحلة الإخفاق والفشل مرحلة مكثفة للمراجعات، وإعادة التقييم، وتصحيح الأفكار والمنطلقات والتجارب، وسرعان ما يكون تجاوز هذه المرحلة.. بقدر اليقظة الذهنية والهمة الوطنية العالية، والعمل الجاد والمستبسل بكل إصرار لخلق مرحلة جديدة، وتجاوز مآسي وإخفاقات هذه المرحلة المتأزمة، فتنبعث القيم والاخلاقيات من جديد كأنها إشراقة شمس يوم جديد، وصباح يوم جميل، يعلن انتصار الحياة والأمل على اليأس والاخفاق.. بروح جديدة وذهنية مختلفة.. بوعي وطني وقومي أكثر عمقاً.

وبالتالي سنجد أنفسنا نحصد نجاحات عالية، وننتقل إلى مرحلة جديدة.. واضحة فيها معالم الانتقالات الحقيقية بين إخفاقات وتعثرات أزمات الأمس التي وصلنا إليها، وبين نجاحات وتقدمات وتطورات اليوم، التي أصبحت قيماً وإنجازات ومنجزات ومكتسبات لا تحتاج إلى التوضيح ولا يقدر أحد على إنكارها.

على خلاف المزايدات، والدفاع عن الأخطاء والتمسك بالأوهام والمزايدات؛ التي تجعلنا ننتقل من إخفاق إلى إخفاق جديد ونواصل مسار الانهيارات والتراجعات كواقع عملي، بينما نظرياً نرفع الشعارات المبالغة والمزايدات؛ لكننا واقعاً نحصد كل ما هو عكس ذلك من المرارات والمآسي والإخفاقات المتتالية.

ليس ترفاً، ولامزاجاً ولا مكايدة سياسية ولا ابتزازا ولاصراعاً سياسياً او فكرياً عبثيا... القول بأننا نحتاج إلى وقفات جادة ومسؤولة مع أنفسنا وكل قضايانا المتشابكة والمعقدة، والدعوة لإحداث مراجعات شاملة، بنقد جذري للأخطاء والإخفاقات والتأزمات، وطريقة تعاملنا السابق والحالي معها، الذي أنتج إخفاقاً وتعثرا وأزمات جديدة.

بل الأمر هنا أكثر من ضرورة قومية وطنية مُلحة جداً، كشرط أساسي وجوهري إذا أردنا المضي نحو تحقيق النجاحات الحقيقية.. بعيداً عن أساليب التسطيح والتبرير، وإعادة ممارسة الأخطاء السابقة، التي قادت الى الانهيار بطرق وأساليب جديدة.

ممها كان حجم الدعايات التضليلية، والزخم الإعلامي والجماهيري، الذي يندفع نحو التسطيح والمبالغات، ويستعذب إعادة ممارسة الأخطاء بطريق وأساليب جديدة محاولاً إقناع نفسه بوهم أنه قد أحدث فارقاً حقيقياً، وخلق طرقاً جديدة وأنه يواجه واقعاً معقداً؛ ليس أمامه إلا أن يتعامل بطريقة هكذا.. فإن الأمر يظل في غاية البساطة أمام الجميع، في اختبار هذه الأفكار والطرق، وإصدار عليها حكم عقلاني وطني بأنها تؤسس وتدفع بالجميع إلى مرحلة جديدة من الفشل والاخفاق والتأزم..

قد تبدو أمام الناس وطنياً غيوراً ومترفعاً، ومناضلاً شريفاً أو مزايداً، وأنت تصطف مع الجميع وتصفق لأخطاء وأوهام وطنية جامعة وتنال ثناء حسناً، ويرضى عنك الكثير، وأنت تتماهى معهم في خطاب غوائي، ومزايدات سطحية لا قيمة لها ولا جدوى في كل ما تدعي.. لكنك تتساءل وما النتيجة بعد؟!

سترى الأزمات تتخلق ووتتطور تباعاً وتراهم يتخبطون كالذي يتخبطه الشيطان من المس وتراهم قد نسوا وتراجعوا وكذّبوا كل ما قالوه وادعوه بالأمس.. فبعد كل أزمة جديدة تراهم حائرين تائهين لا يملكون حولاً ولاقوة.

خذوا الدرس، من كل التجارب الماضية وما وصلنا إليه اليوم، وأيقنوا بأنه ليس أمامنا إلا مراجعات جذرية، وخلق ذهنية سياسية وطنية جديدة..

إن كنتم تحاربون من أجل النصر، فتعالوا نخلق هذه الذهنية الوطنية السياسية الجديدة، وإن كنتم تصارعون من أجل الصراع بحد ذاته، فهذا أمر آخر.

ليس ذنبا نقترفه، ولاخطأ نرتكبه، ولا اعتداء عليكم، بأن نواجهكم بأخطائكم وننصح لكم... فهي صرخة ألم وحزن وطني وقومي، لإعادة للمعركة الوطنية والقومية قدسيتها، وشرف ومسؤولية من يقاتل تحت رايتها بحثاً عن النصر والانتصار و البناء والإعمار، وحفظ وصون كرامة الأمة والأوطان والمجتمعات، والذود عنها، واجتثاث الأخطار والمخاطر التي تواجهها، بعيداً عن التلاعب بالمعارك واستنزاف الأمة والمجتمعات بصراعات ومعارك غير مجدية.