حسن الدولة

حسن الدولة

تابعنى على

حديث الغدير والولاية السياسية.. حقائق تفند المزاعم

Thursday 22 August 2019 الساعة 04:54 pm

حديث الغدير لا يتعلق بالولاية السياسية "للإمام علي" على الإطلاق بدليل أن الإمام علي نفسه لم يحتج به على الأنصار والمهاجرين الذين اجتمعوا في السقيفة؛ ولا بعدها ولا قبلها.

فقد رفض أن يبايع حين قدم إليه أبوسفيان وعمه العباس عقب نبأ وفاة النبي، وقال له "نبايعك فإذا ما علم الناس أن عم الرسول بايعك فسوف يبايعونك!"، فرد عليه الإمام: "اغرب عني، ما أظنك إلا تكيد للإسلام كيدك له في الجاهلية!! فلقد سددت عنها باباً وطويت عنها كشحاً...إلخ".

هكذا سد عن نفسه باب الولاية السياسية؛ وعندما قتل عمر، رضي الله عنه، وتم اختيار ستة مرشحين للحكم كان أبرزهم وأولهم إجماعاً "الإمام علي كرم الله وجهه"، فلما اشترط عبدالرحمن بن عوف، سيرة الشيخين رفض الإمام ذلك الشرط وقال له "اجتهد كما اجتهدا"، ورفض الولاية السياسية، ولم يحتج بحديث الغدير طوال حياته على الإطلاق.

وبعد مقتل عثمان أتى الناس إليه لمبايعته، فرفض وقال لهم "أنا وزير لكم خير من أمير"، وكذلك عندما خرج عليه البعض حاججهم بقوله "لقد قبضت يدي فبسطتموها، وقبضت يدي فبسطتموها، وقبضت يدي فبسطتموها"، قالها ثلاثاً: أي أنه رفض قبول البيعة إلا أن الناس كانوا يصرون عليه على قبول البيعة فألزمهم الحجة بذلك.

وقبيل وفاته عليه السلام سأله القوم هل نبايع الحسن بعدك يا أمير المؤمنين فرد عليهم "لا آمركم ولا أنهاكم" فهل كان غافلاً عن حديث الولاية.

وفي خطبته الشهيرة الواردة في "نهج البلاغة" حجة بالغة على الشيعة المغالين في حبه وعلى المغالين في بغضه:

"لقد بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان وذلك على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد؛ وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار؛ فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضا؛ فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعه ردوه إلى ما خرج منه؛ فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين".

هكذا حدد الاختيار الديمقراطي للحاكم، بأنه حق من حقوق الأمة، ولم يحتج بحديث الغدير؛ وعندما رفع معاوية المصاحف على أسنة الرماح، وطالب بالتحكيم، قبل الإمام ذلك، ولو على مضض، كما يقول البعض؛ فلم يحتج بحديث الغدير؛ كما أن ذلك لم يرد له ذكر في حديث الثقلين المجمع عليه عند السنة والشيعة مع اختلاف في لفظ "عترتي" أو "سنتي" ولم يقل الرسول إن علياً ولي من بعدي.

كما أن ابنه الحسن تنازل لمعاوية ولم يدع أي حق في الولاية له ولأخيه ولا لذريتهما من بعده، سواءً اللثني عشر عند الإمامية أو السبعة وفقاً لنظرية الدور عند الإسماعيلية؛ ولا من تنطبق عليه الأربعة عشر شرطاً عند الزيدية... إلخ.

ولم يثبت إطلاقاً أن الإمام علي احتج بحديث الولاية طوال حياته لا هو ولا أي من الصحابة.

فكيف يحتج الإمام أو غيره وهو يعلم أن الولاية السياسة لم تعط للرسول نفسه، وهو الأعلى كعباً في الدين من علي وغيره.. بل كان عليه وعلى آله الصلاة والسلام نفسه يستمد الحكم ديمقراطياً من الناس وذلك من خلال مبايعتهم له إما في الجامع أو تحت شجرة.

ولم يحتج أحد من الصحابة بحديث الغدير يوم السقيفة، بل قال الأنصار للمهاجرين "منا أمير ومنكم أمير"، فرد عمر بالقول "هيهات أن يجتمع سيفان في غمد"، فهل يعقل أن حديث الولاية كان غائباً عنهم أجمعين أبصعين أكتعين!!؟؟

وقد تنبه إلى هذا الحق الخاص بالأمة عمر بن عبدالعزيز، رضوان الله عليه، حين جمع الناس وقام في الناس بعد أن بلغه أنه الخليفة خطيبا قائلاً "لقد وليت عليكم بدون مشورة مني ولا رضى منكم فأنتم ومن تختارون"، فصاح الناس في الجامع: "بل إياك نختار ونبايع"، هكذا رد الحق إلى الأمة التي اختارته ومنحته الولاية السياسية، فإذا كان الأمر كذلك -وهو كذلك- فلماذا يتم الاحتفال بيوم الغدير وهو بدعة تفرق الأمة وتمعن في تمزيقها؛ وقد مرت قرون عديدة من بعد وفاة الإمام علي ولم يحتفل الناس بيوم الغدير ومن بينهم الزيدية أنفسهم، حيث لا تؤمن بالوصية بل تقول "بولاية المفضول في حال وجود الأفضل".

ورحم الله الإمام يحيى، فعندما سمع أن "علي عقبات" ألقى خطاباً في الجامع الكبير انتقد فيه أهل السنة الذين لم يحتفلوا بعيد الغدير فاستدعاه، وقال له "يا عقبات.. أنا أجمع كلمة الناس منذ ثلاثين عاماً، وأنت تريد أن تفرق بينهم في ساعة"، ثم أمر بسجنه في سجن القلعة، ولم يطلق سراحه إلا بعد أن تعهد أن لا يعود لمثل ذلك.

وبالتالي فإن إحياء عيد الغدير والإنفاق المبالغ على تلك الحشود في ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الوطن جراء هذه الحرب اللعينة التي مزقت وتمزق نسيج الشعب المجتمعي، يعد خطأ فاحشاً ينم عن جهل بالسياسة والدين معاً..

والله من وراء القصد

* من صفحة الكاتب على (الفيسبوك)