د. صادق القاضي
"الإخوان".. لماذا يتبرأون من أنفسهم؟!
في الوضع الطبيعي للحياة الحزبية في العالم كله:
الحزبي يعتز بانتمائه لحزبه، ويحتفي برموزه الوطنية المشرفة، وبصورهم في مواقع السوشل ميديا. كأيقونات للفخر والإلهام.
وهذا هو السائد في اليمن:
الناصريون يعتزون بناصريتهم، ويرفعون صور إبراهيم الحمدي وعيسى محمد سيف.. في مواقع التواصل الاجتماعي.
وهكذا الاشتراكيون، وغيرهم، حتى إن المشترك الأهم بين المؤتمريين، على كافة تشظياتهم، هو الاعتزاز بالانتماء للمؤتمر، ورفع صور الزعيم "علي عبدالله صالح".
"الإخوان" فقط لديهم مشكلة في هذه النقطة، كاستثناء مرَضِي لقاعدة صحية تحكم الحياة الحزبية لكل حزب وفي كل مكان.
لا يتعلق الأمر بموقف فكري من تقديس الأشخاص، فهم يقدسون حتى أمراء الحلقات، ويفتخرون بأنهم:
قومٌ يرون الحق قول أميرهم
ويرون طاعة أمره إيماناً
القضية أن هؤلاء الناس الذين يطابقون بين الإخوان والإسلام، ويطالبون من يشكك بمعجزات الزنداني بالاستغفار.. لديهم مشكلة في إعلان انتمائهم للإخوان، أو رفع صور الزنداني على بروفايلاتهم!
حسب تعبير "حسن العديني" الذي فتح هذه المسألة مؤخراً في لمحة ذكية مألوفة منه: "ثمة خجل.. ثمة إحساس بالدونية الوطنية.. المسألة تقع تحت طائلة علم النفس، وليس علم السياسة".
كإضاءة تكميلية، يرى الكاتب النبيه "عبد الله فرحان"، أن الإشكالية لا تتوقف في حدود عدم رفع هذه الجماعة صور قياداتها، بل تصل كثيراً حد التبرؤ منهم، بل وتنصلها من تاريخها، وحتى كينونتها وعلاقاتها الوجودية.
خلال السنوات القليلة الماضية فقط تبرأ "حزب الإصلاح" من الشيخ عبدالله العديني، ومن القيادية توكل كرمان، ومن الشيخ حمود سعيد المخلافي، ومن د. ألفت الدبعي.. ومن غزوان المخلافي..!
في المقابل يحدث كثيراً أن يتبرأ كثيرٌ من الإصلاحيين، من انتمائهم لحزبهم، على اعتبار أنهم يفضلون مواقف وآراء الإصلاح من باب التعاطف والإنصاف والموضوعية!
في الحالتين هناك مكايدة شكلية آنية للتدليس على الرأي العام، والتهرب من مسئوليات أو الحصول على مكاسب.. بما يعني أن الخجل والشعور بالدونية لا يكفيان وحدهما لتفسير هذه الظاهرة.
الإخوان في الواقع لا تنقصهم الوقاحة، ولا يخجلون من الممارسات المخجلة، بل والزنيمة، لكنهم يحرصون على تجنيب حزبهم دفع ضريبة الموبقات التي يرتكبونها.
هذا يفسر عدم رفع صور زعمائهم: ما الذي ستثيره صورة اليدومي أو الزنداني في السياق العام غير التسبب بنبش التاريخ القمعي للحزب، أو علاقته بقضايا الإرهاب، وشركات توظيف الأموال..؟!
في كل حال ليس لإخوان اليمن رموز وطنية ذات رصيد وطني، وقياداته التاريخية والراهنة متورطة بأعمال مشبوهة، ولحماية أو لخدمة حزبهم البراجماتي، يتبرأ الحزب من القيادات، أو تتبرأ القيادات من الحزب، أو يتبرأ الحزب، كفرع محلي لتنظيم دولي، من علاقته العضوية بجماعته الأم "تنظيم الإخوان المسلمين".!