في كلمته بمناسبة ذكرى تأسيس حزبه، وصف اليدومي طريقة انتقال السلطة من قبل الرئيس السابق الشهيد علي عبدالله صالح إلى خلفه هادي ومعه الإصلاح والمشترك بأنه تم بطريقة حضارية راقية...
ربما كانت تلك العبارة هي الوحيدة ذات المصداقية التي تضمنتها كلمة اليدومي الطويلة العريضة التي تصور حزبه وكأنه تنظيم سوبرمان وأن ما قام به طيلة مسيرته كان كله من أجل اليمن والناس، وهو أمر لا شك في كونه مجرد أكاذيب وتضليل وتزييف يمارسه الإخوان في اليمن ضمن استراتيجية انتهجوها ولا يزالون مع الواقع والحياة والناس وخصومهم وحلفائهم وحتى مع أنفسهم.
تخيلوا لو أن اليدومي الذي وصف انتقال السلطة بطريقة حضارية راقية قال للناس الحقيقة التي أخفاها وهو أن الإخوان هم من مارسوا كل ما بمقدورهم ليحولوا تلك اللحظة التاريخية الكبيرة بمعانيها وتلك الطريقة الحضارية الراقية في أسلوبها إلى وسيلة لإشهار سيوف حقدهم وكرههم وانتقامهم ضد حليفهم السابق الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام وكل قياداته وأعضائه بشتى الوسائل ومنها خطابهم السياسي والإعلامي الذي أوغل في قتل أهمية وحضارية انتقال السلطة سلمياً إلى محطة عبثية بخطاب كراهية وتضليل وادعاءات وتزييف ضد صالح وحزبه وأنصاره، حتى إن اليدومي لم يقل للناس إن حزبه علق لوحة إعلانية على مقربة من مقر اللجنة الدائمة للمؤتمر تقول: هارد لك للمقلوع وكلابه، كرد لا يجيده سوى الإخوان على تلك الطريقة الحضارية الراقية التي نقل بها صالح وحزبه السلطة إليهم.
لم يقل اليدومي للناس في كلمته إن الإصلاح قابل تسامي صالح على جراحه وآلامه التي تسببت بها محاولة اغتياله من قبل الإخوان في جامع دار الرئاسة وفي أول جمعة من رجب ونقل السلطة بطريقة حضارية راقية، لكن إخوان اليدومي وأبناءه وأتباع حزبه من الإعلاميين والناشطين والسياسيين أصروا واستكبروا استكباراً، وواصلوا خطاب الكراهية ضد صالح، وقالوا فيه من الأكاذيب ما لم يقله مالك في الخمر.
لم يقل اليدومي إن الإصلاح الذي كان يصف الحوثيين بالثوار، وكانت قياداته تصف لحظة سقوط صعدة بيد مليشيات الحوثي بأنها انتصار للثورة، فيما هم اليوم يصفون الحوثيين بالمجوس والروافض.
لم يقل اليدومي للناس إنه قال لصالح في اجتماع بدار الرئاسة عقب توقيع اتفاق إيقاف الحرب بين الدولة والمتمردين الحوثيين في العاصمة القطرية الدوحة بأن ذلك خيانة وطنية، لكن حين كان حزبه يقود الحكومة والسلطة عقب تسليم صالح لها قدموا اعتذاراً رسمياً عن حروب الدولة ضد تمرد الحوثي ومنحوا الحوثيين ما لم يكونوا يتخيلونه أو يحلمون به، لا لشيء سوى لمجرد النكاية بصالح فقط وفقط.
لم يقل اليدومي للجماهير إن حزبه الذي وصفه ذات خطاب بأنه ليس أبوفاس هو الداء الذي أصيبت به البلاد منذ 2011م وما قبلها، وفجأة يريد أن يقنع الناس أنه هو الدواء والطبيب لكل أمراض البلاد.
وللأسف الشديد فإن خطاب اليدومي في ذكرى تأسيس الإصلاح لم يكن أكثر من مجرد قناع لذات الخطاب الذي يمارسه الإخوان في اليمن منذ عقود ضد خصومهم وحلفائهم، وهو ذات الخطاب الذي يلوكه سياسيو ونشطاء الإخوان من شتائم وتخوين وتكفير بحق كل من يعارضهم أو يقول لهم أنتم مخطئون، مع الفارق أن اليدومي حاول إلباس خطابه قناعاً يخلو من البذاءات التي يوكل استخدامها لمن هم دونه من القيادات والإعلاميين والنشطاء الذين ما إن تتابع ما يكتبون وما يقولون بحق خصومهم لا تشك للحظة أن كل هذا العفن والكراهية والشتائم التي يتسم بها خطاب الإخوان يخرج من مشكاة واحدة هي مشكاة الخطاب الديني الذي تميز ويتميز به فكر الإخوان كتنظيم وجماعة ترى في كل ماعداها كفراً وجاهلية يجب اجتثاثها عن ظهر الأرض.
ومثلما هي مشكلة اليدومي الذي سعى جاهداً للقفز على الحقائق وتدبيج خطابه بمزاعم وأكاذيب وتزييف للوقائع وللتاريخ، فإن مشكلة قيادات وسياسيي ونشطاء الإخوان تكمن في ذات النهج الذي يصر على رؤية نفسه في مقام المقدس وما يفعله الصواب، دون وعي أن الواقع تجاوز كل ما هم فيه، وبات الناس يرون فيهم ما يحاولون إخفاءه، غير مدركين أن الأكاذيب لا تغطي عين الشمس، وأن الشتائم لا تقضي على خصم، وأن هشتاجات التويتر والفيس بوك لا تستعيد وطناً ولا تبني دولة..
وصدق الله القائل: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ}.