د. صادق القاضي
"الإخوان" و"اغتصاب الأطفال": مَن صنع هذه المتلازمة.. في تعز؟!
الشخص السوي الذي يشمئز من الجرائم الجنسية، وبالذات الاغتصاب، وبشكل خاص اغتصاب الأطفال.. يشمئز بنفس القدر من تمييع هذه الجرائم، أو تسييسها، أو استخدام الجنس كسلاح سياسي.
وهذا ما حدث في "تعز". ظهرت حالات اغتصاب أطفال، وتعامل أهالي الضحايا والمهتمون، وما زالوا يطالبون بالتعامل معها، بشكل طبيعي باعتبارها جرائم جنائية من اختصاص الجهات الأمنية والقضائية.
فقط. سلطة الأمر الواقع، كان لها رأيٌ آخر، وعلى أساسه تدخلت في القضية، وقامت بتسييسها باعتبارها مكايدات مغرضة ضمن مؤامرة محلية وإقليمية مفترضة لإزاحتها عن كاهل المدينة.!
هذا ما جعل القضية تنفجر كفضيحة سياسية مدوية، على المستوى الدولي. قبل أشهر قليلة، أدانت "منظمة العفو الدولية"، سلطة الأمر الواقع هذه بشكل صريح وواضح في تقريرها عن حوادث اغتصاب الأطفال في تعز.
صفعة دولية بهذا الحجم والنوع.. كانت كافية لجعل أي سلطة أخرى تبادر على الفور، لاستعادة شرفها، باتخاذ إجراءات صارمة للحد من هذه الجرائم سيئة السمعة.
لكن سلطة الإخوان ليست أي سلطة، ولا تنحصر مسئولية "حزب التجمع اليمني للإصلاح" في هذه القضية بكون المتورطين محسوبين عليه، بل بكونه:
أولاً: هو نفسه متورط بحمايتهم والتستر عليهم، والحيلولة دون مثولهم أمام العدالة.
وثانياً: لأنه سلطة أمر واقع، ويتحمل عفوياً المسئولية الأدبية والقانونية والأخلاقية.. عن كل الاختلالات والجرائم التي تحدث في مناطق سيطرته، حتى تلك التي لم يقم بها أعضاؤه.
في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تمّ شنق بعض مغتصبي الأطفال في الميادين العامة.. وهو إجراء له قيمته الرمزية العالية في المشهد السياسي والعسكري التنافسي الراهن بين سلطات الأمر الواقع في اليمن.
لكن حتى هذه العمل الذي اعتبرته جماعة الإصلاح نوعاً من مزايدات "الأعداء"، لم يدفعها للقيام بالواجب، فاستمرت على حالها في تجاهل المطالب الدولية والشعبية، وازدراء مخاوف المجتمع، وتحدي الرأي العام.!
وكانت النتيجة مرعبة.. انفجرت الظاهرة مجدداً بشكل أكثر كثافة وبجاحة، ما أصاب المجتمع بالهلع لدرجة أن كثيراً من الآباء والأمهات، منعوا أطفالهم من الاقتراب من المساجد، وفرضوا عليهم ما يشبه حالة حظر تجول، والإقامة الجبرية في المنازل.!
ومجدداً عادت الجماعة إلى تمييع القضية وتسييسها. كما لو أن من مصلحتها استمرار هذه الظاهرة المقرفة، والتمادي بحماية الجناة ومعاقبة الضحايا، والتلويح باستخدام القوة في وجوه المطالبين بالعدالة.!
مشكلة هذا الحزب أنه يتمادى في التستر على فضائح أعضائه حتى لو بلغت رائحتها أنف المريخ، والأعضاء يستبسلون في الدفاع عن فضائح حزبهم حتى لو أزعج دويها أذن زحل!
في كل حال. "اغتصاب الأطفال" ليس من شروط "الولاء" في عقيدة "إخوان اليمن"، كما تقول الإشاعة. لكنه -كما يبدو- ليس من شروط "البراء"، بما يفسر تنامي هذه الظاهرة إلى هذه الدرجة المريعة في ظل سيطرتهم الراهنة على تعز.!
بعبارة أخرى: هذه الجماعة ليست منظمةً للشواذ، لكنها لا تخلو من الشذوذ.. أولوياتها مقلوبة رأساً على عقب، ومكرسة لاستقطاب وتجنيد وتثوير الأعضاء. لا تربيتهم، ورجم بيوت الآخرين. لا الاعتناء ببيتها الزجاجي الهش المتهالك.!