لا تفسير منطقي لعويل الإخوان وتذمر بعض الشخصيات المقربين من هادي من اتفاق جدة، سوى رغبتهم في الاستحواذ على الدولة وتجييرها لحزب معين وشخصيات محدودة، رغم الحديث المستمر عن ما تسمى مخرجات الحوار الوطني، والتشدق بالوحدة وضرورة تصويب ما اعتراها من أخطاء بفعل الاستحواذ والإقصاء والنافذين الذين لطالما ألصقوها بصالح وفترة حكمه.
ينص الاتفاق على تقاسم الحكومة كتمثيل شمالي وجنوبي بقوام 50% لكل طرف، وهذا جوهر دستور الوحدة ومخرجات الحوار الوطني الذي فصل فيه الإخوان قوانين ومقترحات على مقاسهم ووفق حاجتهم ومزايدتهم آنذاك، ولأننا نعاني من إعلام سمج وأقلام بائسة أو مهزوزة، فإننا نجد هذه المساحة من الفراغ التي استغلها الإخوان وإعلامهم وذبابهم الإلكتروني ليصوروا للناس بأن ما جرى هو تثبيت لما يسمونه (انقلاب) ووصل الحد ببعض الشخصيات المقربة من هادي كالميسيري والجبواني للإعلان صراحة عن رفض الاتفاق وتبني رؤية الإخوان الجهادية ضد الجنوب حين قال الميسيري إنهم سيعودون بحدهم وحديدهم لعدن!! الحقيقة التي يفترض توضيحها في هذا الاتفاق هي أن الانتقالي قدم تنازلات وطنية تحسب له فعلاً، قبل بوزارتين مقابل أن تتقاسم بقية القوى الجنوبية بمن فيها الأحزاب عشر وزارات، رغم قدرته على السيطرة والاستحواذ الكامل وتطهير المحافظات الجنوبية من أي تواجد ضار بها سواءً أمنياً أو عسكرياً أو سياسياً (حزبيا).
كان الأجدر بالإخوان (حزب الإصلاح) الالتفات لقبول الانتقالي بتمثيل الحزب في حصة الجنوب رغم ما ارتكبوه وما زالوا مستمرين في تحريضهم ضد المكونات الجنوبية الرافضة لتطرف الحزب ودمويته واستئثاره بمؤسسات الدولة تحت غطاء الشرعية، وكان الأحرى بالإصلاح أيضاً الترحيب بهذا الاتفاق ليبعد عنه تهم الاستحواذ وممارسة الإقصاء، وإشراك الآخرين في الحكم وإدارة شؤون الدولة على الأقل حتى يجدوا شماعة يعلقون عليها فشلهم وفسادهم.
يدرك الإصلاح وهادي بالمقام الأول تغير المزاج الإقليمي تجاههم وبأن الضوء بات مسلطاً على فشلهم وفسادهم، خصوصاً في ظل الحديث عن توجه أممي لمحاسبة فاسدين مقربين من هادي ونجله ومحسوبين على الإصلاح جراء الاستنزاف الجائر للإيرادات والإضرار بالاقتصاد اليمني المتردي أصلاً وخصوصاً ما تعرضت له الوديعة السعودية من مصارفات مررها البنك المركزي في عدن لصالح شركاء جلال هادي والإصلاح... كل ذلك يهدد الإمبراطورية المالية للإصلاح ونجل هادي وغيرهم من المنتفعين، وأي شراكة مع أي مكون آخر يرون فيه تسرب بعض الإيرادات من يدهم وتعزيز الرقابة وتشديدها على إيرادات الدولة ومراقبة كيفية صرفها في قنواتها القانونية بعيداً عن التلاعب المعمول به منذ انطلاق عاصفة الحزم، التي مثلت (باب رزق) لا يقارن، وما تلاها من نتائج كانت ذريعة الإصلاح لرفض التوريد المالي لعدن، وطبعاً بعد أن تم تحويل الجبهات إلى (ثقوب سوداء) تلتهم كل دعم وتثبط كل همة وتقصي كل جاد، وتخون كل وفي صادق.
يقال الصراخ يأتي على قدر الألم، ونحن نقول صراخ الإخوان والمتمصلحين أو وزراء الدفع المسبق يأتي على قدر الفضيحة التي سيتعرضون لها، عندما ينضبط عمل الحكومة، ويطبق الدستور ومخرجات الحوار فعلياً على أرض الواقع وليس مجرد شعارات ومناكفات استخدمها الإصلاح ضد هذا الطرف أوذاك.. مع ثقتي بأن هادي يعاني أكثر من الإصلاح، فهو عاشق الاستحواذ والإقصاء وكما قالت إحدى الصحف الأمريكية إن هادي يظهر تمسكاً عجيباً وغريباً بالسلطة، ولذا يدفع هادي ونجله بغر هنا أو هناك يهاجم التحالف تارة ويرفض مقارباتهم تارة أخرى، ليضمن ديمومة البقاء واستمرارية دفق الدعم بذريعة التمسك بشرعيته الممزقة، حتى وإن استعاض فيها بفندق عوضاً عن وطن.