لم يمر على تاريخ اليمن السياسي قيادات متلونة كما قيادات جماعة الإخوان، ولم ينل مكون سياسي من اليمنيين كما نالهم من الإخوان، وهذه حقيقة واضحة وجلية لا لبس فيها ولا تجنٍ، والشواهد كثيرة حول ذلك، ويكفي فقط أن نلاحظ عملية المسخ الممنهج الذي تعرض له عدد من الشباب على يد هذه الجماعة وأيديولوجيتها المتطرفة، ولتكتشف ذلك ما عليك إلا أن تبحث قليلاً في مجريات الأحداث لتعرف السوء الإخواني والنفاق والحقد الذي يضمرونه ضد كل من لا يؤمن بتنظيمهم وخلافتهم وأحقيتهم في السيطرة والإقصاء.
نفاق القيادات الإخوانية ليس جديداً فهو من صلب معتقدهم الفكري، ولعلهم بذلك سبقوا الشيعة في اتخاذ مبدأ التقية وتطبيقه عملياً، فالجماعة الإخوانية ما إن تتحلق حول رأس الدولة حتى تُزين له أخطاءه، وتذود عنه كلامياً وفي نفس الوقت ترصد كل هفوة، وتستغل كل ثغرة وتحيك كل مؤامرة للإيقاع به، ويتحولون بعد ذلك لأعداء فاجرين في خصومتهم، كاذبين في كل ادعاءاتهم، مشوهين لكل الحقائق... وهذا ما جرى من خلال علاقتهم بالرئيس علي عبدالله صالح.
أتذكر في 2013 المظاهرات الإخوانية التي سيرها حزب الإصلاح تضامناً مع مرسي، وكمية السب والشتم التي طالت المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وحجم الشيطنة التي بثها الإخوان عبر إعلامهم وناشطيهم ضد هاتين الدولتين، ومع انطلاق عاصفة الحزم بعد أن فر الإخوان وقياداتهم العسكرية والسياسية، تحول ذلك التقذيع والشتم إلى حب ومدح، وصل بصعتر أن قال إن العاصفة جاءت بأمر الله!! لم أكن مستغرباً من ذلك التحول الذي أبداه حزب الإصلاح وذبابه الالكتروني، فقط كنت مندهشاً لأمر وحيد وهو كيف انطلت حيلتهم هذه على السعودية وأمنت مكرهم وفتحت خزائنها ومخازنها لهم؟! بعكس دولة الإمارات التي تعاملت بحذر وكانت تدرك مخططات الإخوان وتعرف أن ولاء الإخوان ليس لليمن ولن يكونوا هم الحلفاء الذين يعتمد عليهم لإعادة الأمور إلى نصابها في اليمن.
وفي الوقت نفسه، كان حزب الإصلاح يعلم علم اليقين أن لا أحد يفهم كذبه وخيانته كما الإمارات، خصوصاً وانه يعرف بأن خصومه المحليين خصوصاً المؤتمريين مصابون (بذاكرة مثقوبة) وسوف ينسون ما ارتكبه بحق اليمن، بمجرد دغدغة مشاعرهم ببعض المواقف والكلمات، وكذلك الأمر مع السعودية التي أوكلت سفيرها ملف اليمن والذي بدوره سلم المملكة لقمة سائغة للإخوان وشبكة فسادهم وحقدهم... المعرفة الإخوانية بأنهم مكشوفون أمام الإمارات، جعلتهم يتذمرون من الوجود الإماراتي، ويدفعون بذبابهم الإلكتروني لشن الهجمات التحريضية وتشويه الوجود الإماراتي في اليمن.
لم تأبه الإمارات بكل ذلك، ومضت في دق مخطط الإخوان، وتحصين المناطق التي ضحى فيها الإماراتيون بدمائهم وكانوا أول المقاتلين فيها عندما كان الإخوان والشرعية أول المغادرين الفارين منها.. عملت الإمارات على تحصين المناطق الجنوبية والساحل الغربي من خلال بناء وإعادة تجميع قوة فعلية مؤمنة باليمن وليس بالمرشد والتنطيم الدولي. وهذا ما جعل جنون الإخوان يزداد اكثر واكثر، وتدثر الإصلاح بالشرعية أكثر وحولها لمقصلة ضد أي تقدم ونجاح، وصوبوا سهامهم الحزبية وتوحدت مواقف الإخوان بدءًا من قطر واليمن وتركيا وانتهاء ببعض شخصيات الشرعية الفاسدة (مدفوعة الأجر) ضد الإمارات ودورها، ورغم ذلك لم ينجحوا، ونجحت الإمارات منفردة بتعريتهم، وتثبيت أقدام من ناضل وكافح وقاتل لأجل اليمن.
اليوم تمضي الإمارات بعد أن تأكدت أن ما بنته وأسست له لن يكسره الإخوان، واليوم أيضاً يزداد عواء الإخوان لإدراكهم ما هم مقبلون عليه ولعله (جزاء من جنس العمل) وتبقى السعودية هي الضحية الأولى لأساليب الإخوان الملتوية وللتشويه الذي سيطالها على يد الإخوان، والسبب في ذلك عقلية آل جابر، محامي حزب الإصلاح أولاً وسفير السعودية ثانياً.