بتوقيع اتفاق الرياض تصبح اليمن على أعتاب مرحلة جديدة يتم من خلالها إصلاح الشرعية ومعالجة مكامن الاختلال الذي شاب عملها منذ 2012 وليس فقط كما يقول البعض منذ 2015، معالجات ضرورية تحتمها المرحلة الجديدة تبدأ بإشراك كل الأطراف في عملية بناء الوطن واستكمال تحرير اليمن من براثن الممثل الإيراني في اليمن -مليشيا الكهنوت الحوثي.
إن صدقت النوايا فإن مرحلة كسر الحوثي اقتربت فعلاً، خصوصاً وأن الاتفاق يحث الجميع ويطالبهم بأن توجه بوصلتهم شمالاً، نحو عاصمة الجمهورية اليمنية مدينة صنعاء المختطفة منذ 2014، وهنا لا بد أن نعترف جميعنا بأن المجلس الانتقالي كان السباق فعلاً في توجيه بوصلته والتزامه للحلفاء (الخليجيين) بأن يقدم كل الدعم والإسناد ويدفع بقواته لمساندة كل جهد شمالي مخلص يبتغي الوصول إلى صنعاء، ولا يخفى على الجميع ما قدمته التشكيلات العسكرية من أبناء المحافظات الجنوبية على امتداد الساحل الغربي، برغم أن طرفاً أصيلاً في الشرعية أو لنقل المتحكم الفعلي بهذه الشرعية (الاخوانج) ضغطوا بقوة لعرقلة أي جهد تكون وجهته صنعاء من خلال اختلاق المشاكل هنا وهناك، وشن الحملات الإعلامية لتشويه وشيطنة تلك الجهود الرامية لتحرير صنعاء.
بتوقيع اتفاق الرياض أكد المجلس الانتقالي أيضاً أنه طرف يعتمد عليه، كونه يحمل مشروعاً وطنياً ملتزماً بالثوابت التي يؤمن بها المجتمع الدولي والدول الإقليمية تجاه اليمن، بعيداً عن التخرصات الإخوانية التي ترفع شعار الوحدة لمجرد الاستحواذ والإقصاء، وثبت أقدامه كممثل رئيس للقضية الجنوبية التي طالما تشدق بها الإخوان من باب النكاية بنظام صالح قبل أن يتنكروا لها -أي القضية الجنوبية- بعد أن وصلوا للسلطة بعد انقلاب 2011.
ومما لا شك فيه أن الاستحقاقات كبيرة والحمل ثقيل نظراً للتركة السيئة التي خلفتها 5 سنوات من الإقصاء والتجيير الحزبي للشرعية، ولكن إذا التزم الإخوان فعلاً بتطبيق الاتفاق دون تسويف أو مماطلات واغتيالات، سيتم تجاوز العديد من العقبات بدعم الأشقاء في الإمارات والسعودية، وإذا التزم أيضاً السفير السعودي بالحياد وعدم التفسير المزاجي أو تبني التفسيرات الإخوانية الموتورة للاتفاق، ويكتفي بما قد ضغط لأجله وهو استبقاء معين عبدالملك رئيساً للحكومة، أما إذا ظل السفير يتدخل في كل التعيينات واستمر الإخوان في غزواتهم الإعلامية وخطابهم الساحاتي فإن الاتفاق لن يكون أكثر من حفلة تصوير قبل انطلاق مرحلة جديدة من معارك الإخوان العبثية ضد المكونات المعارضة لها، ويضمن الإصلاح بقاء موارد مارب، ونوم الشرعية وتمدد الحوثي.