غضبت طهران فنفذ ذيلها في اليمن عملية إرهابية ضد المخا مستهدفاً المدينة المكتظة بالسكان بثلاثة صواريخ بالستية ومثلها طائرات مسيرة مفخخة، ليخدش هدوء المدينة، ويراضي الممول الإيراني الغاضب من اتفاق الرياض الذي فوت عليه -أي الإيراني- فرصة للعب على المتناقضات واستغلال ما جرى ليجيره لصالحه أو لحساب نعله القابع في صعدة والجاثم على صنعاء وما حولها من محافظات الشمال المستكين.
أراد الحوثي أن يحقق غاية دموية اعتاد عليها طيلة خمس سنوات من حربه الأخيرة، ليستطيع من خلالها حشد المقاتلين لصفوفه المنهارة تزامناً مع المولد النبوي الذي يفاخر الحوثيين بأنه ذكرى لاغتيالهم للشهيد الزعيم أكثر منها مناسبة دينية، خصوصاً في ظل الفشل الذريع الذي تمنى به المليشيا في كل جبهة وبالذات في الساحل الغربي ومدينة الحديدة التي شكلت ثقباً أسود يلتهم من يرميهم الحوثي وقوداً لحربه العبثية.
لا شك أنه كان يوما عصيبا على المخا رغم تصدي الدفاعات الجوية للتحالف لتلك الصواريخ، يوما أراد الحوثي أن يقول لأنصاره في الداخل ومموليه أنا جدير بالإرهاب وموهوب في نقض أي اتفاق حتى لو رعته الأمم المتحدة، فالهجوم رسالة حوثية واضحة بأن لا شيء يقف أمامه ما دامت الشرعية الرخوة تتمسك باتفاق السويد الذي شكل طوق نجاة للمليشيا الحوثية.
لن يتوقف الحوثي عن إرسال طائراته وصواريخه لأي مكان يريد إلا إذا تم ردعه وكسره، وهذا يعتمد على قرار صريح وشجاع تتخذه الشرعية التي يفترض أنها تخلصت من بعض ضغوط الإخوان وتدخلاتهم نحو ضرورة التمسك بقرار إيقاف جبهة الساحل الغربي، ولا يعني تمسك الإخوان "الشرعية" باتفاق السويد أنهم يثقون في الحوثي ووفائه، بل لأنهم حاقدون ومنتقمون ويرون أن أي نصر في الساحل سيحسب لمن لا يوالونهم، ويجعلهم في موقف مخز، نظراً للمزاد الذي يديرونه في الجبهات، والخيانات التي يرتبونها بشكل منتظم ضد كل فصيل يقاتل الحوثي لأجل الجمهورية والدولة الوطنية الجامعة.
بالأمس أراد الحوثي أن يفرح بعد طول قهر وسحق يتعرض له من الدريهمي وحتى التحيتا وحيس، ولكن كما يقال (يا فرحة ما تمت)، وليس الحوثي بمفرده كان يريد أن يفرح فالإخوان وعبر الناشطين -الذباب الإلكتروني- التابع لهم كانت سعادتهم لا توصف وهم ينقلون أخبار الانفجارات التي طالت أحد مخازن السلاح ومستشفى أطباء بلاحدود، وكعادتهم -الإخوان- قاموا بالنقل عن المصدر الكبير والمسؤول المطلع الذي دوماً يسرب لهم طبخات الأخبار الكاذبة وكان آخرها أن صواريخ الحوثي استهدفت اجتماعاً لقيادات الساحل وتحديداً العميد الركن المجاهد طارق صالح وزميله اللواء هيثم قاسم، كون الرجلين على ما يبدو يقضان مضاجع الإخوان أكثر من الحوثيين، ولأنهم والتشكيلات العسكرية التي يقودها كل قائد منهم ومن معهم من القيادات والتشكيلات العسكرية يشكلون خطراً على دولة الإخوان التي بالطبع ليست دولة اليمنيين المنتظرة.
ما جرى في المخا كان نتيجة لرفع إحداثيات سلمها الفارون من صف وضباط -سايلة صنعاء- بالمقام الأول، ورغم ما نتج عن هذا الإرهاب المتأصل حوثياً، إلا أنه أثبت تكامل التحالف ورجال الساحل الغربي ورباطة الجأش التي يتحلون بها، كما أثبت التكامل والأماني والغايات بين الحوثي والإصلاح، ولذا على التحالف خصوصاً السعودية أن تعيد النظر كلياً في دعمها المقدم للإخوان حتى لا يتحول عما قريب إلى نحرها تنفيذاً لأوامر قطر وإيران.