د. صادق القاضي
في تعز: القافلة تنبح.. والكلب يسير!
من كان يتصور أن يرث "حردون المخلافي" -هكذا بلا سبب ولا نسب- تركة أسرة "هائل سعيد أنعم" في تعز، ويسرح ويمرح في فللهم وقصورهم في حارة المستشفى العسكري؟!
من كان يتخيل أن يأتي يوم على الثوري العتيق، والسبتمبري العريق "علي محمد سعيد"، وهو يناشد بلا جدوى الجهات المعنية وغير المعنية بإنصافه من هذا الثورجي الصفيق والطفيلي اللصيق؟!
لا أحد.. واقع تعز الفنتازي أغرب من الخيال، ولا ينتمي لذاكرة ووجدان ووعي ومؤهلات وطموحات.. هذه المدينة الحالمة التي باتت غارقة في الكوابيس.
قبل سنوات قليلة فقط، كانت هذه المدينة عاصمة الأمن والأمان والثقافة والمدنية، وأول ما يواجه الداخل إليها لافتة الترحيب الشهيرة "ابتسم. أنت في تعز".
اليوم.. هذه المدينة أصبحت بلا مداخل، ولا حتى لافتات تحذير: حرب، انقسام، حصار، ميليشيات، خوف، فساد، تسيب، اغتصاب، سرقة، نهب، فيد.. وفوق كل ذلك -لسخرية القدر- الإخوان المسلمين.!
هذا كثير على مدينة واحدة. كثير جداً كنهاية مؤلمة وإن كانت ملائمة لمدينة انسلخت عن جبل صبر واحتمت ببندقية "غزوان".!
استبدلت مذكرات "النعمان" ببطولات "الأعرج".
قلعت المزروع وزرعت "المقلوع".!
شرّدت المثقفين والأدباء والفنانين.. واحتضنت "المفصعين".!
لا لوم على تعز بذاتها، فهي في الأخير مدينة مختطفة، انخدعت كغيرها، وانخرطت في لعبة أكبر منها، وإن كانت الضريبة التي دفعتها أكثر بكثير من التي دفعتها المدن اليمنية الأخرى مجتمعة.
اللعنة فقط على من صنعوا، وتواطؤوا على صناعة هذا الواقع الكارثي، وجعلها غنيمة حرب، للعصابات وتجار الأزمات والفيد والابتزاز الذي وصل في حالة "حردون" إلى "100"مليون ريال، مقابل فقط إخلاء منزل الحاج "علي محمد سعيد".!
واقع بذيء، والأسوأ أن يُوصف كل من ينتقده بالبذاءة.!
آلاف مؤلفة من الذباب الإلكتروني مهمتهم الوحيدة تشويه كل من يتأفف من هذا الواقع الشائه الذي يجرح بقبحه عين الشمس.!
امبراطورية إعلامية لجماعة دولية مهمتها الوحيدة ترويض جموح عاصمة الرسوليين هذه، لتصبح عاصمة لعصابة دينية مسلحة، وهكذا أصبحت تعز بالفعل: إقطاعية لـ"غَدَر"، وعاصمة لـ"سالم"، وجمهورية للحرادين الإسلامية.!