منذ قرأت خبر استشهاده والذي تزامن مع ذكرى الانتفاضة التي فجرها الشهيد صالح مطلع ديسمبر 2017 بالعاصمة صنعاء، وأنا أمر بحالة من تبدّد الشغف بالكتابة، يد مرتعشة، خواطر شحيحة، محابر جافة، أنشدُ نهاياتٍ هادئة في كل شيء. وأشعر بلذّة غريبة لهذا الخمول! وكأنما ديسمبر يكرس نفسه كشهر لعين يخطف من اليمنيين كل جمهوري سبتمبري أصيل.
حالة من الذهول والصدمة والحزن الشديد تسكنني جراء خسارة وطني رجالاً صناديد، له أوفياء، وبه مؤمنون، فيتم الإحاطة بهم عبر مؤامرات تقودها بلا شك أياد آثمة تشترك جميعها في كراهيتها لأي حس وطني، وقيادة عسكرية كفؤة، وان بحثت عن تلك الأيادي فلن تخرج عن إطار "الإخوان" والحوثي.
رصاصات تم توجيهها للعميد عدنان الحمادي، ليغتالوا بها واحداً ممن تبقوا لليمن، ورجلاً لا يعترف بحزب سوى الوطن، وكأنما كُتب على بلادنا أن يغتال أشاوسها، ليتصدر المشهد ارذل القوم.. رحل عدنان الحمادي "عاشق" تعز والمؤمن بضرورة تطهيرها وتحريرها كبداية لتطهير اليمن من رجس المليشيات ومفتعلي الأزمات..
رحل بعد أن فجر الإخوان في خصومتهم وتكالبهم عليه، وتنكرهم لدوره السباق في الدفاع عن تعز وعن شرف العسكرية ككل، منذ كانت تلك القيادات الإخوانية التي هاجمته وحبكت المؤامرات والدسائس ضده، تنتظر الأوامر "القطرية" لتقوم بما هو موكل لها في تعز.
ارتقى عدنان الحمادي لربه شهيداً مملوءاً قلبه بغصص وخيبات في قيادة "الدولة" التي أحبطته، وجعلته وكثيراً من أمثاله فريسة لجماعات الإسلام السياسي، فبماذا سيشكو الشهيد تلك القيادات عند ربه؟!
هل سيشكو إلى الله كيف عاث علي محسن وحزب الإصلاح بمؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، وكيف جعلوا من مدرس هنا أو خطيب هناك قائدا يحرك الجند وفق أهوائه ومتطلبات الفوضى التي تخلقها الجماعة ولطالما تحمل -أي الشهيد عدنان- الكثير من المتاعب جراء ذلك؟
أم هل سيشكو هادي وسباته الدائم وهيامه بالغرفة الفندقية التي استعاض بها عن الوطن ومنها يصدر القرارات التي أحبطت كل مؤمن بضرورة استعادة اليمن من براثن المليشيات الإسلامية بشقيها الإخواني والحوثي؟!
لا أريد أن أقول إن الموت قد أراح الشهيد عدنان الحمادي وخفف عن كاهله الكثير، فالحقيقة أن استشهاده قصم ظهر الوطنيين الذين كانوا وما زالوا يظنون بأن الله قيضه وأمثاله لاستعادة كرامة شعب وسيادة وطن، رغم ما يعترضهم من مؤامرات ونقص في الإمكانيات وصولاً لتوقيف المخصصات والميزانية لأشهر كما جرى مع اللواء 35 بقيادة الشهيد الحمادي.
وفي الختام، ان دم الشهيد المغدور لا بد أن يكون شرارة لاستكمال ما بدأه، وعهداً في عنق الأوفياء بالمضي على نهجه، دون الركون على لجان التحقيق، أو مواساة الشرعية، فالشرعية التي اغتالت الرجل ألف مرة بالقهر والتثبيط والإحباط لا يمكن أن تنتصر له وقد أصبح عند ربه، ومن هاجمه بالأمس وسعى لإبعاده وتغييره، لا يمكن أن يكون بريئاً من دمه، فمقتضيات المخطط الإخواني والهيكلة الهادوية والإجرام الحوثي تحتم عليهم التخلص من الأبطال، ولأن الأبطال ضحوا من أجل الشعب، فليأخذ الشعب بعهدهم وثأرهم.