بعد مرور ثمانية أعوام على اليمن في ظل العملية السياسية التي تقودها الأحزاب والشخصيات السياسية وما تشظى عنها من ميليشيات وزمر وجماعات مسلحة، منذ سلم الشهيد علي عبدالله صالح السلطة في 2011م، فإن ثمة سؤالا ملحا يطرح نفسه، وهو: ما الذي قدمته هذه الجماعات السياسية الدينية والمليشاوية للشعب اليمني، وهل صارت الأوضاع الحالية أفضل من التي کانت في ظل النظام السابق - نظام صالح؟
طوال العهد العفاشي الممتد من 1978 إلى عام 2011، لم يكن اليمن ضمن قائمة الدول الفاشلة، کما أنه لم يکن بلدا غير آمن وغير مستقر بالدرجة التي نعيشها اليوم، ولئن عانى بعض الشيء من بعض المعضلات الإرهابية ولکنها لم تکن مٶثرة عليه إلى الحد الذي يٶثر على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، لکن وبعد دخول اليمن العهد الإخواني "يمن ما بعد صالح" ومن بعده الدمار الحوثي الذي يسمونه عبثاً "اليمن الجديد" فإن الکثير من الامور انقلبت رأسا على عقب بحيث صارت الأوضاع خليطا عجيباً غريباً عديم الوصف والتوصيف، بل وحتى إن الوضع السياسي صار أشبه بمسخ لا يوجد له نظير في أي بلد في العالم.
تتحدث جماعتا "الحوثي، الإخوان" منذ 2011 عن فساد النظام، وبأنه نظام كان يسرق وينهب ثروات وأموال الشعب وهو "عميل" لأمريکا وإسرائيل، وکأن الشعب اليمني وفي ظل هذا الحديث ينتظر عهداً جديداً مفعما بالأمل والخير والتفاؤل حيث سيتنفس فيه الصعداء على يديهم، وينسى عهد صالح، ولکن الواقع أثبت عكس ما قالوه وزيف ما وعدوا به، وبشاعة ما اقترفوه وما زالوا، وما يقومون به من قتل ونهب وفساد وسرقات وبلطجة، مقدمين بأفعالهم دليلاً آخر وتأكيداً قوياً بقناعة الشعب بأن نظام صالح كان عهداً ذهبياً يحنون إليه ويترحمون عليه، وبالطبع ليس لأن النظام السابق کان خاليا من العيوب أو الاخطاء وإنما لأن ما جاء من بعده من كوارث واقصائية وسلالية وفساد هادي والإخوان والحوثي قد فشل في تحقيق مستوى الحياة المعيشية وتقديم الخدمات العامة بالمستوى والقدر الذي کان يقدمه النظام السابق.
العملية السياسية اليمنية بشقيها "شرعية هادي وسلطات الأمر الواقع في صنعاء" صارت مضربا للأمثال من حيث غرابتها وما ترشح ويترشح عنها من أمور وقضايا غريبة وعجيبة ليس لها مثيل، إذ إن قرار السلام أو تشکيل حکومة أو البت في أي قرار سياسي سلماً أو حربا، ليس بيدهم، وبعد أن تشدقوا -الإخوانيون والحوثيون- بالسيادة والاستقلالية أثبت الواقع أن القرار "الفصل" و"الحاسم" في أي خطوة يتخذونها يأتي من خلف الحدود، إذ إن کل الاحزاب والشخصيات والميليشيات والدکاکين السياسية، ليس بإمکانها أبدا أن تکون صاحبة الشأن والقرار بل إنها تنتظر ما سيردها من خلف الحدود، وتحديدا من الدوحة معقل الإخوان، وطهران معقل نظام الملالي.
أسوأ شيء انتهى اليمن إليه بسبب هذه التركيبة السياسية الإسلاموية المليشاوية الفريدة من نوعها، هو أنها جعلت اليمن تحت وصاية أکثر أنظمة مرفوضة ومکروهة من جانب العالم عموماً ومن جانب الشعب اليمني خصوصاً، ونعني به نظام طهران والدوحة الرعاة الرسميين للتطرف والإرهاب والتخريب في اليمن.