مر عام مُر منذ توقيع ما يسمى باتفاق السويد، دون أي تقدم يذكر في تطبيقه على الأرض سوى "حماية" الحوثيين، ومنحهم فرصة استطاعوا من خلالها التقاط أنفاسهم، وإعادة ترتيب صفوفهم، ليثخنوا الحديدة مدينةً وريفا بالجراحات والآلام، ويتفننوا في زرع الموت ألغاماً وعبوات، وطائرات وصواريخ، على مرأى ومسمع من الأمم المتحدة التي يحاصر الحوثيون اللجنة التي شكلتها لتنفيذ بنود الاتفاق، ويمنعونهم من أن تطأ أقدامهم اليابسة، فاستعاضت بباخرة مستأجرة تُجرى فيها الاجتماعات المتكررة، ورغم ذلك يشيد بهم غريفيث!!
منذ عام، تمكنت بريطانيا أن ترهب السلطة الفندقية، وتأمرها بوقف عمليات الساحل تهيئةً لاتفاق السويد الذي منع أي جهد عسكري يكسر عنجهية وإرهاب الذراع الإيرانية في اليمن، ولأنها شرعية "رخوة" مرتهنة لا تتطلع لإعادة وطن وخلاص شعب، هرولت سريعاً لذلك الاتفاق، ورضخت راضية ومتقبلة لضغوطات غريفيث ووساوس الإخوان -حزب الإصلاح- المسيطر على "الشرعية" والذي رأى أن أي نجاح في الساحل يعني انكشافه أكثر، وتعرية فساده ومتاجرته بالجبهات واستثماره للحرب ورغبته في استمرارها، فكان ما كان، ورغم ذلك استبشر الناس خيراً، وقالوا لعل وعسى يطبق الاتفاق، ويتم تجنيب الحديدة الدمار والخراب، وإنقاذها من تهديدات ووعيد الحوثيين كما جرى على لسان "حسن زيد" الذي قال بأن جماعته ستحيل الحديدة إلى "حلب" أخرى!!
لقد منح اتفاق السويد جماعات الإسلام السياسي في اليمن وقتا أكبر لترسيخ وجودهم، وتنسيق جهودهم لاستهداف الصف الجمهوري المؤمن بالوطن، ومنحهم وقتاً أطول لممارسة كهنوتهم وغواياتهم على الشعب، ولأنهم لم يجدوا رادعاً يمنعهم من ذلك، ذهبوا مجتمعين -الحوثي والإخوان- في تنفيذ الأجندة الموكلة إليهم، فتفرغ الإخوان وكعادتهم لاختلاق المعارك الجانبية والحملات التشهيرية ضد التحالف والجنوبيين وطارق صالح، وتقاربوا مع الحوثي أكثر وسلموه العود وأجزاء مما تم تحريره في صرواح، وتآمروا معه ضد حجور، وباعوا له جبهة "نجران" الحدودية، ولعل هذا هو جوهر اتفاق السويد المتفاهم حوله في الكواليس بين ذراع إيران وذيل قطر في اليمن.
ومن باب رد الجميل للسفير السعودي محمد آل جابر الذي تبجح كثيراً بضغوطاته نحو توقيع اتفاق السويد، أرسل الحوثيون طائراتهم المسيرة والصواريخ الإيرانية إلى الرياض والدوادمي وحقول الشيبة، وتبنوا بكل وقاحة وكذب هجوم أرامكو.
فيا ترى بعد عام من المراوغة والتنصل، وبعد ألف ألف خرق وغدر للاتفاق اللعين، هل ستصحو الشرعية من نشوة الاتفاق المولود ميتاً، وهل سيفهم التحالف أنه يطالب السلام ممن لا يملكه ولا يفهمه ولا يتقبله؟!
وهل سيعملون على إنهاء الالتزام بهذا الاتفاق ويكونون -أي الشرعية والتحالف- بنفس القدر من الشجاعة والضمير الذي تحلى به الرئيس الأسبق للبعثة الأممية في الحديدة الجنرال الهولندي "كاميرت" الذي رفض أن يشارك في بيع وترويج الوهم الذي يجيده غريفيث، أو الخضوع للتفسيرات والمغالطات الحوثية للاتفاق؟!!