محمد عبدالعزيز الصنوي

محمد عبدالعزيز الصنوي

تابعنى على

القائد الحمادي.. تآمر قوى الظلام لاغتيال مشروع وطن

Monday 30 December 2019 الساعة 02:20 pm

كان الشهيد عدنان الحمادي واثقاً بأن مشروع الوطن هو طريق محفوف بالمخاطر التي يحيكها أعداء المشروع الوطني، ولأنه يؤمن بهذا المشروع لم تثنه تلك المخاطر التي عاشها وواجهها بكل صورها.

فالمشروع الوطني مشروع كل الشرفاء من أبناء هذا الوطن الذين يؤمنون بقيم التحديث ويعتبرون حياتهم فداءً لمشروعهم الوطني، وهذا الأمر يدركه الجميع ولا يجهله إلا من غاب وعيه الوطني.

ولهذا يُعدُّ القائد عدنان الحمادي رمزاً حياً لمسيرة الرموز الوطنية التي قدمت حياتها ثمناً لما تؤمن به من قيم الحداثة في مفهوم الوطن منذ بدأت تتجسد عملياً في الميدان مع القائد عبدالرقيب عبدالوهاب والقائد محمد مهيوب الوحش وغيرهما من رفاقهما الذين دفعوا أرواحهم فداءً للوطن وهدفهم انتصار المشروع الوطني على كامل التراب اليمني.

وحقاً يستحق هؤلاء الأبطال أن يوضع لهم نصب تذكاري يخلد سيرتهم البطولية في الذاكرة الوطنية.

إن ما أقدمت عليه يد الغدر والخيانة وأدت إلى استشهاده لن يغيب حضوره وأثره الوفي لقسمه وقيمه الثورية المعبرة عن إيمانه بالمشروع الوطني، وليعلم أعداء المشروع الوطني بأن اليمن تمتلك مخزونا كبيرا من المناضلين الشرفاء أمثال الحمادي وعبدالرقيب عبدالوهاب والوحش وغيرهم ممن يمثلون الروح الوطنية وقيمها الثورية بعزيمة متجددة لمواصلة النضال حتى يتحقق الانتصار.

ولن تثنيهم قوة الإرهاب بما تمتلك من قوة وضجيج الأصوات والقنوات الإعلامية التي باتت تتعرى بكشف أهدافها ومشاريعها المعادية لمشروع المواطنة بتعزيز أعمالها الإقصائية لكل من يخالف مشروعها الاستملاكي للوطن الذي تراه مجرد مساحة خاصة لها وعليها أن تسيطر عليه بشتى الوسائل المستخدمة في ثقافتها المشتركة على مستوى الوطن والإقليم والعالم وتلتقي بمعاداتها لمفهوم الوطن والمواطنة وكل مصالح الشعب.

القائد الحمادي وليد الحراك الوطني والنضال الثوري لشعبنا اليمني منذ أكثر من خمسين عاما وقد مثل بمواقفه رمزا من رموز الوطن الذين ناضلوا بالصمت والعلن منذ أن أقسم اليمين العسكري يوم تخرجه من الكلية العسكرية عام 1985م، وظل وفياً لقسمه، وكان قائدا عسكريا مميزا ملأ منصبه كقائد لواء مؤهل وفريد بين قيادات ألوية كثيرة في تعز، فهو شخصية عسكرية تدرجت بمناصب قيادية عديدة وفقا للقوانين العسكرية ورتبها الأكاديمية وإلى جانب ذلك كان متميزا بكل الصفات القيادية في شخصية كاريزمية عبرت في حضورها عن قائد عسكري وسياسي ومثقف ذي مبادئ في القيم الوطنية.

جمع كل تلك الصفات فأهلته لحضور فاعل تجسد في مختلف المواقع الميدانية وفي كل الأوساط الاجتماعية بمختلف توجهاتها الوطنية، فَعُرِف بالقائد العسكري المحنك والغيور المتميز بالشجاعة والتواضع، وذلك ما جعل حضوره القيادي يترسخ في كل محافظة تعز، فتجاوز كل حضور القادة الموجودين في هذه المحافظة وأكده بواقع ميداني جعل المواطن يثق بشخصيته ويرى فيه قائدا جادا لتحرير كل تراب هذه المحافظة وهي ثقة غابت عن كثير ممن يدعون وقوفهم مع قضية الوطن والقيادة الشرعية.

لقد تمثلت صفات عدنان الحمادي بتميز متنوع على غيره من القيادات التي بدت خارج قيمه الوطنية وعكس ذلك في تعامله.

وظهر ذلك التميز للمتابع سواء كان من حيث الولاء الوطني لقيم الجمهورية وأهدافها أو من حيث إدارة المعارك في الميدان أو في التعامل مع الرتب والمناصب العسكرية، حيث لم يتعامل معها كما تعامل بها غيره فتقلدها الكثير ممن لا علاقة لهم بالسلك العسكري فضلا عن قضايا الفساد التي دمغت سلوك غيره في تعاملهم مع القضايا الوطنية والإدارية والمالية.

وأكد القائد عدنان الحمادي بما جسده من القيم القيادية والأخلاقية بأنه قائد عسكري وطني بامتياز مخلص للشرف العسكري، فنال بذلك ثقة الجميع وشهادة التحالف والشرعية والقوى السياسية والمجتمعية المتنوعة إلى جانب ما حققه من الثقة على مستوى محافظة تعز بصفة خاصة وعلى مستوى الوطن بصفة عامة، وتجسد على الواقع من خلال مواجهاته لكل التحديات التي خاضها بكل شجاعة واقتدار.

أيها القائد البطل، لقد خسر شعبنا باستشهادك شخصية قيادية فذة على الواقع الميداني في وقت كان بحاجة كبيرة لوجودها، لكنك ستبقى حاضرا بقيمك المخلصة لمشروع الوطن والجمهورية رغم تآمر قوى الظلام عليك، وما الغدر بك سوى سلوك اعتمدته تلك القوى الظلامية لتصفية رموز المشروع الوطني وأهداف التحول المنشود إلى مجتمع الدولة العصرية.

لقد غُدِرَ بك كما غُدِرَ برموز وطنية قبلك وأبطال كُثُر من الرموز السياسية والعسكرية وفي مقدمة من يمكن أن نذكرهم من الرموز العسكرية في هذه العجالة القائد عبدالرقيب عبدالوهاب والقائد محمد مهيوب الوحش وغيرهما من أبطال فك حصار صنعاء والدفاع عن الجمهورية.

وكما غُدِرَ بأولئك الأبطال غُدِرَ بالقائد عدنان الحمادي في مشارف 2020، وهو يدافع عن تعز وعن الجمهورية ضد القوى نفسها؛ تلك القوى الظلامية المضادة للثورة والجمهورية التي تملك عمقا تاريخيا في إنتاج طرائق شيطانية وأساليب متنوعة للتخلص من رموز المشروع الوطني وقادة قيم التحول.

نعم، ما زالت تلك القوى الظلامية المعادية لكل متغير إنساني تجيد صناعة وسائل الموت وتمتلك أدواتها المطيعة وإن تغير المكان وتغير خطابها وتغيرت المسميات.

لقد تعرض القائد الحمادي لاغتيال غادر بتآمر واضح وتدبير لئيم من قوى عجزت عن استقطابه إلى صفها بالترغيب أحيانا والترهيب بكل وسائل القوة أحيانا أخرى، وحين لم تستطع ترهيبه أو ترغيبه لجأت إلى أساليب الإقصاء الجسدي والتآمر لتدبير طريقة اغتياله.

القائد عدنان الحمادي لم يكن له أي عداء شخصي مع أحد على مستوى الوطن كله، لكن لا أحد يجهل العداء الذي أضمرته له تلك القوى التي رأت فيه سدا منيعا أمام تطلعاتها الخاصة وهو عداء ناتج عن مواقفه الوطنية، وعليها برز ذلك العداء المليء بالحقد المتغلغل في عقول وقلوب جماعتين من القوى، وهما: مليشيات الحوثي وهي جماعة أهدافها مكشوفة على مستوى الوطن بصورة عامة وعلى مستوى تعز بصورة خاصة. وجماعة قوى الظلام المهيمنة بعمقها الممتد في بنية الصراع القائم في مساحات الوطن المتحالفة مع كل مشروع ماضوي ضد مشروع التحول الوطني بصورة مباشرة أو غير مباشرة وإن ادعت غير ذلك.

ولا يخرج اغتيال الحمادي عن أهداف القوى الكهنوتية المواجهة للمشروع الوطني وأصحابه، مهما حرصت تلك القوى على تغييب وجودها في هذه الجريمة.

ولا يخفى على أحد مشروع هاتين القوتين التدميري في اغتيال وطن كامل، ومصادرة مقدراته لمصالح مشاريعها الخاصة.

وأمام هذا المصاب الجلل الذي أصابنا جميعا فإننا نعزي أنفسنا وكل أبناء محافظة تعز وكل أبناء وطننا اليمني وعزاؤنا بصورة خاصة لأبناء الشهيد القائد عدنان الحمادي ولأفراد أسرته.

فلا نامت أعين الجبناء... و"لن يمروا".

* وكيل محافظة تعز