محمد سعيد الشرعبي

محمد سعيد الشرعبي

تابعنى على

وداعاً صديقي الكبير

Wednesday 15 January 2020 الساعة 05:28 pm

ترجل الصديق الكبير والأب الفاضل أول وأمهر جراحي المخ والأعصاب في اليمن والقامة العلمية العربية السامقة البروفيسور أمين علي ناجي الكمالي في قاهرة المعز التي أحبها وأحبته بعد أسابيع من معاناته مع الجلطة المفاجئة.

خبر رحيله فاجع عليّ شخصياً، وأظنه كذلك على من عرف عن قرب مهاراته المهنية، وحرصه على تطويرها، ومواقفه السامية والإنسانية مع مرضاه، ومن يصلون إليه من عامة الناس أينما حل وارتحل داخل وخارج البلد.

لست مبالغاً لو قلت خسرت اليمن برحيله أبرز نوابغها، وأنبل رجالها العصاميين الذين بنوا تاريخهم بطموحهم، ومثل بلده في المؤتمرات العلمية العربية والدولية أفضل تمثيل، ونحت اسمه بأحرف من نور.

جمع فقيدنا أمين الكمالي بين الخبرة المهنية الطويلة عبر إجراء آلاف العمليات، وحرصه على مواصلة بحوثه العلمية التخصصية، وتشبيك علاقات واسعة مع زملائه (اليمنيين، والعرب، والأجانب) من مختلف التخصصات، والجهات الأكاديمية والعلمية الداخلية والخارجية. 

كان فقيدنا أمين في عز مشاغله يخصص في جدوله اليومي لعلاقاته الاجتماعية، والتواصل مع الناس العاديين، وحل مشاكلهم القادر عليها، وبالذات، الحالات المرضية بكل تفان وشهامه وإنسانية بعيداً عن المن والغرور الذي يصيب أناسا أقل من مستواه العلمي والمهني.

شخصياً، أمين الكمالي بالنسبة لي صديق استثناء، وأب فاضل، وهو كذلك مع القريب والبعيد، وإذا كنت إنسانا نظيفا محترما، سيقاسمك الخبز، والضحك، والهم، ويجادلك بوعي في الشؤون العامة والخاصة، ويعاملك مثل أحد أبنائه، يسعد فيك إذا زرته، ويبحث عنك أينما كنت حين تغيب، ويقف معك إذا تكالبت عليك المخاطر. 

ومصداقا للمثل "خلف كل رجل عظيم امرأة"، فزوحته المناضلة القومية جميلة أحمد غالب عامر إنسانة كبيرة نقية تهتم بالشأن العام، وتعد من ايقونات الثورة وفعاليات التمدن، وهي بمثابة الأم الحنون لمن يعرفها، وخسارتها كبيرة أكثر من غيرها برحيله. 


كما أن أبناء فقيدنا الكبير أمين (محمد، وعلي، وحمزه، وعمر، وممدوح، وشهد) خير الاخوة وأعز الأصدقاء تجدهم بصفك في السراء والضراء، ولا تغيرهم تقلبات الحياة، والاختلافات معهم بالآراء والمواقف، سواءً كنت بقربهم أو بعيدا عنهم.


وداعاً بروفيسور أمين علي ناجي الكمالي، وخالص عزائنا ومواساتنا لنا، ولأسرتك، وأخوانك وأقاربك، ومحبيك، فرحيلك فاجعة، وغيابك خسارة كبرى، ولكنها سنن الحياة، وثق ستظل ذكراك الطيبة ومواقفك الأصيلة عصية على النسيان، وسيبقى تاريخك العلمي المشرف ملهما لكل شاب عصامي طموح على أرضنا المهدورة.