يسهب الحوثيون، الذراع الإيرانية في اليمن، حين يتحدثون عن أنفسهم بأنهم ممثلون للشعب اليمني، ويزعمون أن الشعب اليمني تخلص من سيطرة وهيمنة السعودية وامريكا منذ انقلابهم على السلطة بشكل مثير للسخرية والاشمئزاز..
دعونا نكون أكثر وضوحا ونحن نناقش مزاعم الحوثيين وتعمدهم ادعاء تمثيلهم للشعب اليمني، وسنجد أنه ليس ثمة كذبة تفوق هذه الكذبة، فهم في الحقيقة حتى وإن كان لهم وجود ولديهم أتباع من أبناء الشعب اليمني لكن أتباعهم ومناصريهم لا يمثلون من ناحية النسبة السكانية سوى جزء بسيط ويسير من المجموع الكلي للسكان في اليمن، ثم انهم يدركون قبل غيرهم ان وجودهم في السلطة وممارستهم للحكم لم ولن يكون ناتجا عن مشروعية شعبية أو دستورية اكتسبوها بل جاء إلى كراسي الحكم على فوهات المدافع وانقلاب عسكري ويمارسون السلطة بالقمع والاكراه وتحت سلطة السلاح وليس شيئا غيره.
والمثير للسخرية أيضا أن الحوثيين وخلافا لغيرهم من الحركات التي حين تسيطر على السلطة فإنها تضفي على نفسهم صفة التمثيل للناس يختلفون عن غيرهم انهم يختصرون الشعب اليمني كله في انفسهم فقط، بل حتى لا يأبهون بالناس في مناطق سيطرتهم، ولا يقيمون لهم وزنا، ولا يرون كل سكان المناطق الواقعة خارج سيطرتهم سوى مجرد مرتزقة منافقين يجب قتالهم لأنهم يساندون خصومهم.
وخلافا لبقية القوى السياسية التي حكمت فإن الحوثيين وبشكل غير مسبوق يزعمون أنهم يمثلون اليمنيين بشكل يومي فج لكنهم في الوقت نفسه يقدمون أنفسهم على الواقع مجرد مجموعة طائفية عنصرية مذهبية مقيتة، حيث عمدوا إلى تعيين أقارب وانساب زعيمهم عبدالملك في كل مفاصل الدولة، فضلا عن سيطرتهم على كل مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية عبر تعيينات سلالية عنصرية مذهبية بحيث يكاد كل المسؤولين في مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتهم منتمين لعدد اسر هاشمية لا تتجاوز اصابع اليد، ناهيك عن النزعة المناطقية الممزوجة بالعنصرية السلالية والمذهبية الدينية حيث نجد هاشميي صعدة هم من يحتلون اليوم أرفع المناصب، ويعينون في كل المؤسسات سواء في صنعاء أو في غيرها حتى انهم باتوا يعينون مديرا لمديرية في اقاصي مناطق سيطرتهم بتعز واب والحديدة من أبناء صعدة ويستبعدون ممثلي السلطة المحلية من أبناء هذه المحافظات بشكل يؤكد ويكشف سوء فكرهم المذهبي، ونزعتهم العنصرية، ومناطقيتهم المقيتة.
وإذا كانت الحركات السياسية والمليشاوية الأخرى التي تصل إلى السلطة وتدعي تمثيل الشعب تستند إلى أبعاد سياسية في دعم مزاعمهم، فإن كارثة الحوثيين الكبرى انهم يدعون تمثل الشعب وفقا لأبعاد تمتزج فيها المزاعم الدينية والمذهبية، مع الخرافات المرتبطة بالنسب النبوي والحق الإلهي، وكل ذلك مرتبط بمزاعم مناهضة (العدوان) واحتكار الوطنية، وتصنيف الخصوم ككفار ومنافقين ومرتزقة وخونة وعملاء وإباحة واستباحة دمائهم وممتلكاتهم ومصادرتها ونهبها.
لم يكتفوا باستبعاد أبناء المحافظات الجنوبية الذين قاوموهم وطردوهم من محافظاتهم، ولم يقفوا عند إقصاء أبناء محافظات تعز واب والحديدة والمحويت وذمار والجوف وصنعاء، بل عمدوا إلى الايغال في عصريتهم ومناطقيتهم بمنح كل شيء لأبناء بعض الأسر الهاشمية المناصرين لهم، ولهاشميي صعدة بدرجة رئيسية، وإزاحة حتى بقية الهاشميين من المحافظات الأخرى خصوصا محافظات إب وتعز والحديدة باعتبار أنهم لا يحظون بنسب يتساوى مع نسب هواشم صعدة ونسب أسرة الحوثي زعيم المليشيات.
لا شيء أحقر من مزاعم الحوثيين في ادعاء تمثيل اليمنيين إلا تصديقهم لأنفسهم ونظرتهم لكل الآخرين الذين يقفون ضدهم سواء في المناطق المحررة منهم، أو الرافضين لهم في مناطق سيطرتهم بأنهم مجرد منافقين، وعبيد خلقوا ليكونوا خدما لمن يزعمون كذبا وزورا وبهتانا أنهم أحفاد النبي (صلى الله عليه وسلم).
والحقيقة أن الحوثيين ومهما أوغلوا في التسلط والقمع وممارسة السلطة بالحديد والنار فإنهم في الأخير سيجدون أنفسهم ذات يوم وحين تتهيأ الظروف مجرد جماعة لا تمثل إلا نفسها، وعبارة عن حركة مليشيا لا توابع لها سوى أولئك المهووسين بمزاعم الحق الإلهي والنسب النبوي، أو أصحاب المصالح الذين يجارونهم خدمة لأنفسهم، أما عامة الشعب فقد بات يرى في الحوثي مجرد مليشيا وذراع أخرى لإيران في المنطقة، وبات أكثر قناعة أنه لم يمر على اليمن فترة أسوأ من الفترة التي سيطر فيها الحوثيون على السلطة ومارسوا من خلالها الحكم بالقمع والعنف والسلاح والإكراه والقتل والتدمير والدمار.