لطفي نعمان

لطفي نعمان

تابعنى على

لماذا نزعت جنسية الأستاذ نعمان؟

Thursday 30 January 2020 الساعة 07:23 am

الأستاذ أحمد محمد نعمان الصانع الأول لقضية الأحرار اليمنيين بتسمية رفيقه القاضي محمد محمود الزبيري.. سحبوا جنسيته عام 68م!.. لماذا؟

لم يحرم المتواتسون أنفسهم تداول وثائق ورسائل كبار الشخصيات التاريخية، كـ"الأستاذ الأكبر" كما كان يخاطبه رفيقه القاضي عبدالرحمن الإرياني، ورسالته "إلى الذين منحهم القدر فرصة نادرة ليحملوا فيها السلاح بعدما عاشه آباؤهم قروناً لا يحملون سوى المحراث".. وفي طليعتهم النقيب عبدالرقيب عبدالوهاب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اليمنية سابقاً.

ربط المجتهدون خطأ بين الرسالة وبين سبب نزع الجنسية أو سحب الجواز عن أبي الوطنية اليمنية نعمان اليمن.. فمن هو الأستاذ (رئيس الوزراء وعضو المجلس الجمهوري الأسبق) مثير الجدل والمغري به؟

أحد رواد التنوير الوطني اليمني والعربي، من أوائل مؤسسي المدارس الأهلية، صاحب الأنة الأولى أول منشور علني لحركة المعارضة الوطنية ضد حكم الإمام يحيى حميدالدين.

 تخرج في زبيد باليمن ثم الأزهر الشريف بمصر، أدار شؤون المعارف (التعليم) بتعز، قبل خروجه والزبيري عدن ينشئان حزب الأحرار اليمني أول حزب سياسي معارض.

حرر جريدة صوت اليمن لسان حال الجمعية اليمانية الكبرى التي ترأسها سيف الحق إبراهيم بن الإمام يحيى، عين وزيراً بحكومة ثورة 48 الدستورية بقيادة الإمام عبدالله الوزير، اعتقل بمدينة حجة. 

عفا عنه الإمام أحمد عام 1950م لعدم تورطه باغتيال الإمام يحيى، علل الشيخ عبدالله القصيمي العفو بقوله: "عفا عنه ليكون قدراً من أقدار الحياة، ولم يقتل فكرة المستقبل".

حوّل النعمان محيط السجن المظلم نقطة تنوير بتأسيس مدرسة متوسطة تخرج فيها كبار الأدباء والساسة. 


عقب فشل انقلاب السيف عبدالله وأحمد الثلايا 1955م عرض مقترحات إصلاح نظام الحكم اليمني..


الإعراض عن العرض خيّب آمال صلاح الأوضاع فوصل القاهرة يعلن: لا أمل، لا أمل، لا أمل. 


لكنه أنعش حركة المعارضة مجدداً وأسفرت التجربة عن نضال واقعي متجدد أعاده لمهنته القديمة: التعليم، منتقلاً من تنوير الحاكمين بواجباتهم عبر النصح إلى تنوير المحكومين بحقوقهم عبر العلم.. فأنشأ سنة 60م كلية بلقيس بعدن. 


استُبعد من أول تشكيل حكومي لثورة 26 سبتمبر 62م، ثم عينه المشير عبدالله السلال بعدة مناصب.. لم يبق بمناصبه طويلاً إذ يغادرها مستقيلاً متخذاً مواقف مشفوعة بنصائح بليغة لا يؤخذ بها، عبر عنها الرئيس المصري جمال عبدالناصر: "لن تقنعني لا شعراً ولا نثراً".


تباينت المواقف والآراء حول ومع النعمان منذ اقترح مع القاضيين الإرياني والزبيري تجنيب الجمهورية تبعات الخلاف المصري السعودي بمحاولة التفاهم ضماناً لاستقرار الجمهورية واستقلالها وصوناً للطاقات العربية. 


ونتيجة الخلافات الداخلية والخارجية اقتيد وحكومة الفريق حسن العمري إلى سجون مصر، مدة سنة وعشرين يوماً من 16 سبتمبر 66م حتى 6 أكتوبر 67م. 


صوّر الأستاذ فظاعة السجن بعبارةٍ شهيرة: كنا نطالب بحرية القول وأصبحنا نطالب بحرية البول.


بوساطة اللجنة الثلاثية العربية خرج من سجون مصر إلى بيروت ثم جرت حركة تصحيح أو انقلاب 5 نوفمبر 67م برئاسة القاضي الإرياني سُمي النعمان والشيخ محمد علي عثمان عضوين بالمجلس الجمهوري، وبعد أسبوعين قدم استقالته المسببة برفضه البقاء واجهةً لوضعٍ يجر البلاد لحرب أهلية جديدة، واحتجاجاً على تأخير جهود المصالحة الوطنية بالتعاون مع اللجنة الثلاثية.


اشتدت المعارك فصرح الأستاذُ لجريدة النهار والصحافي العربي رياض نجيب الريس إن "السلام قبل النظام" ومعلومات تؤكدها الوقائع والمذكرات التاريخية حول تدخل سوفياتي محدد بالمعارك.


بسبب هذا التصريح نُزِعَت جنسيته ونجله محمد (الشهيد ببيروت سنة 74م) كرد فعل ممن تلقوا التصريحات فور صدورها يناير 1968م، قبل الرسالة الموجهة إلى النقيب عبدالرقيب بشهور أبريل 1968م والتي رد عليها الشهيد عبدالرقيب في شهر ديسمبر 68م بعد نزع صلاحياته، معتذراً بمجريات الأحداث ومعتزاً بواقعية الرسالة.


الغريب أن حاولوا بنشر الرسالة إلى الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب إلصاق نوازع وعصبيات طائفية بعيدة الصلة عن دوافع الرسالة الناصحة وثناياها الداعية إلى التسامي والتسامح والوحدة الوطنية وتحكيم المنطق والعقل على السلاح، والناقدة ظاهرة الارتزاق.


رغم القرابة الأسرية بين الأستاذ والنقيب عبدالرقيب لكن موقف الأخير من الرسالة وصاحبها حَكَمَهُ نزقُ الشباب المحيط به وسوء تقدير التقدميين وإساءتهم للأستاذ نعمان نفسه كما أساء فهمه غيرهم أيضاً يومها.


وإذ كانت الإساءةُ نصيب المستقلين، يقابلها الأستاذ بتمثله قول الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}.


لأن التاريخ السايب يُعلِم التزوير والتلفيق.. نسبوا إلى النعمان قصيدة بعيدة عن أسلوبه.. وكذلك عبارات ببُعد مناطقي غير منطقي، ومواقف أبعد ما تكون عن أستاذيته ووطنيته ووحدويته.. وإنسانيته.. فتبينوا مسيرته جيداً لتنسبوا ما يناسب سيرته.