بعد منشوري السابق تحت نفس العنوان اتصل بي صاحبي هاتفياً يعاتبني ويقول لي "ما لك ضرَّبت بي عند الجماعة؟ شكلك ناوي تودينا في داهية".
قلت له: معاذ الله، فما دار بيننا من حديث ليس فيه أمر يغضب أحداً، ويقول به مئات السياسيين وآلاف وربما ملايين المواطنين في الداخل والخارج دون أن يتعرض لهم أحدٌ، ومن باب الاحتياط فإنني لم أذكر اسمك، وبالتالي فليس هناك ما يخيفك، وعلى كل حال دعنا من العتاب وهات المهم.
لكن العتاب اتخذ مجالاً آخر هذه المرة حيث تساءل صاحبي: ولماذا لم تنشر حديثنا عن الجنوب والجنوبيين، أم أنك لا تكتب إلا ما يتعلق بخصومك؟
قلت له: أنت تعلم بأن ليس لي خصومات شخصية مع أحد، والذين تعتقد أنهم يخاصمونني هم يخاصمون آرائي وكتاباتي وليس شخصي.
ثانياً، ما تحدثنا به عن الجنوب سبق وأن قلته آلاف المرات وهو أن الجنوب قضيته تتعلق باستعادة أرضه ودولته وقد اختار النضال السلمي من أجل حل هذه القضية وقدم آلاف الشهداء والجرحى في مسيرته السلمية هذه، لكنه أُجْبِرَ إجباراً على المواجهة المسلحة في العام 2015م عندما تعرض للغزو مرةً ثانية.
قال صاحبي: لكنكم تتحالفون مع الذين تقولون انهم غزوكم في 94م، فكيف تراهنون على أنهم سيسلمون لكم أرضكم ودولتكم، وهم أعداؤكم؟ أم أنكم لا تعلمون أن عبدربه منصور هادي وعلي محسن هما من قاد حرب 94 ضدكم؟
رجوته مرةً أخرى بعدم التعرض للأسماء لكنني أضفت: نحن نتحالف مع شرعية يقودها رئيس شرعي منتخب هو الرئيس هادي، وتعاوننا مع الشرعية ليس من أجل أن يواصل قادتها احتلال الأرض ومصادرة حق الإنسان فيها.
سمعته يقهقه وهو يقول:
أنتم عملتم مثل ذاك الذي استجار بزوج أمه الظالم (السابق) لينقذه من زوجها الثاني الظالم، يا أخي لم نعرف إن كنتم انفصاليين أم وحدويين، شرعيين أم انقلابيين حيرتوا أنفسكم وحيرتونا معاكم.
قلت له السياسة ليس إما أبيض أو أسود بل طيف واسع من الألوان، نحن نحترم الرئيس هادي لأنه شرعي ومنتخب، ويتحمل مسؤولية الجمهورية اليمنية كاملة التي نقر بأننا ما نزال جزءًا منها (على الأقل حتى هذه اللحظة)، واحترامنا له لا يعني تخلينا عن دولتنا ومستقبل شعبنا وأرضنا، أما التحالف السياسي فنحن جزء من التحالف العربي ولا يمكن أن نعمل ضد هذا التحالف أو بمواجهة معركته.
ودار بيننا حديثٌ طويلٌ لا يتسع المجال لعرضه، عن مشاريع دول التحالف العربي ومحاولة هذه الدول (كما يقول) التوسع على حساب الأرض والخيرات اليمنية، والهيمنة على القرار اليمني وإن الجنوب سيكون منطقة نفوذهم الجديدة وما إلى ذلك مما يقول به الكثيرون من أنصار الشرعية والحوثيين معاً.
لكنه اختتم حديثه بقوله، إذا كنتم تريدون استعادة دولتكم فلا تراهنوا على أحد في الخارج، وما عليكم إلا أن تفرضوا قراركم على الأرض وتعلنوا دولتكم لأنفسكم وسيضطر كل العالم للتعامل معكم كأمر واقع، ولستم أقل قدرة ولا أقل أحقية ولا قضيتكم أقل مشروعية وعدالة من قضية الحوثيين الذين جعلوا كل العالم يتهافت للحديث معهم والتودد لهم.
لكنني اعترضت على كلامه بالقول: يا صديقي عليكم أن تعلموا أن الحوثييين لا يمكن أن يكون قدوة لنا ولا لأي صاحب قضية عادلة، لأنهم بلا قضية إلا قضية خرافة النقاء العرقي والاصطفاء السلالي، التي تتعارض مع منطق العصر وثقافة القرن الواحد والعشرين، وثانيا نحن معنا شعبنا وتعداده قرابة ستة ملايين نسمة، أكثر من ثمانين بالمائة منهم مع تقرير مصير الشعب الحنوبي وحقه في استعادة دولته الجنوبية كاملة السيادة على أرضه، وأي طرف يحاول خداع شعبنا أو استغفال قادته أو الرهان على سذاجة بعض الجنوبيين إنما يخدع نفسه، ويضع نفسه في مواجهة الملايين الستة من الجنوبيين، ولن يهنأ بالسكينة ولا بالربح من خيرات الجنوب وأرضه، وثالثا وأخيرا نحن نراهن على حكمة الأشقاء في دول التحالف ومعرفتهم العميقة بأن الشعب الذي تصدى للظالمين عند ما كان العالم كله يناصرهم، لا يمكن أن يستكين لمن تبقى منهم، وهم يعلمون أن الحالمين بالعودة إلى الجنوب من قادة 7/7 قد عجزوا عن العودة إلى قراهم وديارهم، وفوق هذا أدخلوا دول التحالف في الكثير من المآزق والورطات التي كان يمكن تجنبها لو أنها (أي دول التحالف) راهنت على سواهم.
والحديث يطول يا صديقي لكنني أكتفي بما قلته لك.
*من صفحة الكاتب على الفيس بوك