مع كل رمضان يظهر زعيم المليشيات الحوثية عبدالملك الحوثي محاضرا اتباعه والمتلقين في مناطق سيطرة مليشياته بمحاضرة يومية يكرر فيها كلامه عن مفاهيم الحركة مثل الولاية والحق الالهي والحث على اتباع حركته باعتبارها تمثل الدين الصحيح.
صحيح ان محاضرات الحوثي المكررة باتت غير ذات جدوى لكن انكار عدم تأثيرها أو عدم وصولها للناس امر غير منطقي فالمليشيات تسيطر على امكانيات الدولة الاعلامية وبالذات الاعلام الرسمي وقنواته واذاعاته مثل (الفضائية اليمنية وسبأ وعدن والايمان والتعليمية) والاذاعات المحلية وتسخرها لبث ونشر محاضرات زعيم المليشيات اليومية والمناسباتية، بالإضافة الى الالة الاعلامية الخاصة بالمليشيات والمدعومة منها مثل المسيرة والهوية واللحظة والاذاعات الخاصة التي أنشأتها المليشيات من حساب المال العام.
في العاصمة صنعاء يجد الناس أنفسهم مضطرين لسماع خطب زعيم المليشيات وهم يمشون في الشوارع من خلال استخدام المليشيات لسماعات ومكبرات صوت منصوبة في الجولات أو عبر سيارات تابعة للجيش والشرطة وهو امر لم يحدث من قبل.
في محاضراته يحاول زعيم المليشيات تكريس وترسيخ مفاهيم ايديولوجية جماعته القائمة على اصطفاء نفسها وقياداتها ومنتسبيها واضفاء صفات القداسة والطهر عليهم، وتمرير مفاهيم احقيتهم بالحكم، وتكفير خصومهم ومعارضيهم واطلاق اوصاف الكفار والمنافقين والمرتزقة والخونة والعملاء عليهم، وكلها اوصاف تشابه تلك التي كان يطلقها نظام الامامة على معارضيه من الثوار.
من يتابع خطب ومحاضرات زعيم المليشيات الحوثية سيدرك جيدا كيف ان الحركة الحوثية تسعى لإعادة رسم مفاهيم الحكم الامامي لليمن وتأطيره من جديد وبسطه على ارض الواقع وان برداء في ظاهره جمهوري وفي باطنه امامية مطلقة.
والحقيقة ان ما تقوم به المليشيات في هذا الجانب اما انه قائم على نظرية اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس، أو ان المليشيات الحوثية لا تريد ان تدرك أو تقتنع بان الناس لن يقبلوا بما تطرحه وتروج له من مفاهيم ولا يمكنهم تقبل عودة النظام الامامي مرة اخرى مهما حاولت المليشيات تجميل نفسها.
ثمة قناعة لدى معظم الناس حتى في مناطق سيطرة المليشيات بان الحوثيين هم الإماميون الجدد وان هذه حقيقة لا يمكن اخفاؤها من قبل الحوثيين مهما حاولوا تلبس النظام الجمهوري ذلك ان كل ما يقولونه ويفعلونه ويمارسونه من زعيمهم وحتى اصغر مشرفيهم كلها براهين وادلة قاطعة بانهم إماميون في فكرهم وثقافتهم وأيديولوجيتهم ومذهبيتهم وعصبيتهم وعنصريتهم، وان هذه الامامية المقنعة لا يمكنها ان تقنع الناس أو ان تغالطهم لتقبلها حتى وان كانت الظروف قد سمحت للمليشيات بفرضها على بعض المناطق حاليا فانها لن تكون قادرة على الاستمرارية والديمومة في فرضها وسيأتي اليوم الذي يرفضها الجميع بمن فيهم حتى اولئك الذين اضطرتهم مصالحهم للخضوع والمضي في ركب المليشيات الحوثية.
الحوثيون من زعيمهم حتى آخر واحد فيهم هم الإماميون الجدد ومن يقل بغير هذا فهو اما غبي لا يفهم أو صاحب مصلحة يريد ان يحقق مصلحته بادعاء ان الحوثية تحمل مشروعا غير الامامة وفكرها الكهنوتي.