رهينة الغربتين

رهينة الغربتين

تابعنى على

كيمياء ولغة الحب...

Monday 08 June 2020 الساعة 08:31 am

فينومينولوجيا...

للحب لغته الخاصة وحروفه المشرقة وكيمياؤه النوعية....

والعلم في منتصف الطريق لفك الشفرة الكيميائية للكيفية التي تتم فيها تفاعلات الكمياء في الدماغ لتولد تلك الطاقة الروحية التي نطلق عليها الحب..

 يبدأ التفاعل عبر افراز هرمون "التستوستيرون" "والاستروجين" فيعملان على اذكاء الشوق والهيام.....

ثم يتعمق التفاعل الكيميائي في لحظات الحب المتقدمة.... لينتج "الدوبامين" فيعطي الشعور بسعادة غامرة، ويتفاعل مع هرمونات أخرى لينتج جنون العشق في عملة كيميائية بالغة التعقيد والتشابك..

وياتي دور اللغة هنا لتنتج اسخى العبارات الدالة على الشعور وفيضاََ لهذا التفاعل المثير....

إن عملية الحب ليست عرضاََ، وليست فعلاََ عابراََ.. بل تكاد تكون ارقى سلم الفعل والشعور الإنساني المعقد.. حيث يتم تجنيد وتحشيد الدوائر العصبية واحيانا إغلاقها. 

 ومن هنا جاءت العبارة الشهيرة "الحب اعمى"، ففي حالة إغلاق هذه الدوائر العصبية، لا يرى المحب عيوب المحبوب، واحيانا يصاحبه هوس وحب استحواذ وتسلط وغيرها من الأعراض...

 تتشابه حالات الحب الشعورية في ذروتها كما يشير بعض المختصين مع فعل المخدرات في الجسم، "كالكوكايين" "والمورفين "وغيره، حيث يشتركان في تهييج نفس الموصلات العصبية.. ولذا تأتي نشوة الحب مميزة عن غيرها من المتع النفسية والعقلية.

ويمكن وصف الحب بأنه حالة إدمان مكتملة الأوصاف، ويتضح ذلك عند البعد والفراق ومحنة الحزن والاشواق، التي تذكي مسارب الحب الروحية ابتداءََ من التجلي الشعوري إلى الكتابة إلى الهذيان وتصل بالبعض إلى الاشراق والبعض إلى الجنون...

لذا فإن قصص الحب التي سردها التاريخ وصاحبها بعض الجنون ليست محض خيال بل لها واقع يؤكده العلم وفضاء الكيمياء.

كما أن تجليات الفلاسفة تنبع بوهج الحب غالباََ حيث يسمو الإدراك ويشابه ذلك ايضا، الحب الصوفي والتوحد مع المحبوب بحسب الدلالة الصوفية في وحدة الوجود...

وتتعدى مراحل فعل الحب من عالم الواقع إلى مشاغبات الخيال وممارسة الفعل في الأحلام، من خلال "ميكانيزم" الخيال.

وهي محاولة لنقل الفعل السارد في العشق والبحث عن مكان آخر يحقق له حركية الروح وديمومة اللذة بمفهومها الروحي، الذي قد لا يتحقق في الواقع..

وكما أن للحب سطوة فإن للغة سطوة حيث تُكثف تخليق فعل الحب وتحويله إلى حالة جمعية شعورية تتدفق من خلال الوعي الجمعي الإنساني.. ومعلوم سلفاََ كما يقول الأدباء أن للنص ولادة ولذة للولادة وهيجانا والهاما وتدفقا، وهو حالة رديفة بفعل العشق، فعند ميلاد نص جديد بهيج تكتمل أحد صور الحب في عمق الروح وكذلك يفعل العشق.

إنهما حالة شعورية كونية، والحروف هي جهاز الاتصال بينهما، وهما حالة فلسفية وصوفية إذا يصلان إلى حد الفناء حسب التعبير الصوفي، وحالة الصفاء والإدراك للعلة بحسب الفلاسفة...

 الحب يُوَلد أجمل ما في اللغة ويستنطق الحروف ومنهما معاََ تُنسج حالة روحية تتشكل فيها الفينومينولوجيا وظواهرية الروح في أسمى صورة لها.. في أفق مفتوح لا حدود له...

إن بعض النصوص الادبية والإبداعية التي ولدت من رحم قصص الحب اصبحت خالدة لها لذتها الخاصة عند المتلقي في كل العصور ولذتها وتأثيرها يكاد يقترب بالسامع من صاحب التجربة ذاتها وهنا تكمن ثمرة الحب والحرف...

إن دور اللغة مواكب لعملية الحب وجعله مرئيا فاللغة هي كاشف سره وكنهه وما يحمله من عمق، ومكنونات وكنوز الذكريات والأشواق...

اللغة هي الحامل المرئي لهذا الفعل الإنساني الشفيف... ومن خلال اللغة وبحسب مقدرة كل شخص على بناء قوالب البوح المتعددة....

وهنا تتنوع وتتباين وتتعدد الأساليب والمعاني، ويأتي المجاز والحقيقة معاََ...

ابتداءََ من سلم القصيدة، مروراََ بالروايات إلى أدنى سُلم الخواطر والهمسات.. والهندسات اللغوية المختلفة...

إنَ الحب كما هو ابن الروح، فهو صنيعة الكيمياء واللغة معاََ...

وهذا ملخص الأمر في هذه الإطلالة من عالم الفينومينولوجيا وظواهرية الروح وكيمياء ولغة الحب...