لم يعان بلد ما من مصائبه كما يعاني اليمن من مصيبته المتمثلة في كيان حزب "الإصلاح"، هذا الحزب المعجون بالحقد والنقمة، والإرهاب والدم، والخيانة الوطنية، الذي أودى بالبلاد والعباد في هاوية لا نهاية لها، وما زال يعمل على استمرار تردي الشعب والوطن في هذه الهاوية، غير آبه بشيء سوى مصالحه وتنفيذ رغبات التنظيم الدولي للإخوان.
خمس سنوات والتحالف يمد الإصلاح "الشرعية" بكل ما يحتاجونه من دعم "سياسي، ومالي، وعسكري، ودبلوماسي"، آملاً أن تستعيد الدولة اليمنية مؤسساتها، ومكانتها، ويهنأ الشعب اليمني بقسط من الراحة بعد حروبه المتصلة التي أنهكته وجعلته متخلفاً عن ركب الأمم والتطور بمئات السنوات، ولكن الحقيقة المرة هي أن التحالف اكتشف أنه وقع في ثقب أسود يلهتم كل ما يقدمه، وبات يقف أمام خيبة كبرى عنوانها "الخيانة الإخوانية" وفشل الشرعية، وانتهازية بقية النخب الأخرى، وتكالب الجميع ضد التحالف في حال مد يده لأي جهة أو مكون يؤمن باليمن وخلاص شعبه.
بالأمس ارتفع صراخ الإصلاح وقطعانه "حلب تحترق" ولم تبعث نخوتهم الميتة تجاه ما يجري في "تعز" أو شبوة.. واليوم يعيش الإصلاح بقياداته ونخبه فرحة عارمة، ليس لأنهم مثلاً قرروا أن يضعوا يدهم في يد الجميع لاستعادة صنعاء.. بل لأن اردوغان أوفى بوعوده للسراج في ليبيا!!
يالله ما هذه المصيبة التي نعاني منها؟!! ليبيا تنتصر؟!! حفتر ينكسر، مبروك عودة ترهونة، هكذا تجد أحاديث الإصلاحيين ومنشوراتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
عقليات منومة، اعتادت على فكرة التلقين وفكر القطيع، لا ينظرون تحت أقدامهم ليعرفوا أين يقفون، ولا يتأملون حولهم ليروا أي حال يحيط بهم، ولا يمكن أن يفكروا باليمن، فالحقيقة هو ليس وطنهم الأم.. أو هكذا يدور في خلدهم، وطنهم الحقيقي أين ما يختاره المرشد، وولاؤهم الفعلي هو لمن يداعب مشاعرهم بأكذوبة الخلافة والدولة الإسلامية. فقد قضي الأمر لديهم ويمموا وجوههم تجاه أنقرة، والدوحة، بعد أن ملأوا جيوبهم من خزائن التحالف باسم "تحرير اليمن".
أخبروهم أن صنعاء ليست في بنغازي، التي تمنت توكل كرمان زيارتها، وهي المطرودة والمحرومة من العودة لبلادها وعاصمة وطنها الذي أودت به وأججت مشاعر الانتقام بين مكونات الشعب اليمني، بما قالته وتقوله وكتبته وتكتبه، خدمةً لمخططات التنظيم الدولي للإخوان وتنفيذاً للرغبات المجنونة الشاذة لتميم وأردوغان.
ليتطوع أحد ما لتوضيح الأمر، فالأمر أصبح مضحكاً ومبكياً في نفس الوقت، أخبروهم أن الحوبان يناديهم، وينتظر أن يفرح معهم بتخليصه، وأن ذمار أشد أهمية وأحقية من ترهونة، وأن الحديدة وأهلها لهم حق على "الشرعية" وجيش الإصلاح أكثر من سرت، على الأقل أنهم قد نهبوا وتاجروا وباعوا واشتروا باسم الحديدة ومينائها ومعركتها!
متي سيدركون كيف تعاد البلدان بسواعد أبنائها فقط، ولا يمكن لها أن تقبل الفارين منها والمتناسين لها، وأن التاريخ لن يُهمل تدوين خيبة الفارين وخيانة وفساد المؤدلجين مهما كان حجم التهليل والتصفيق والمفاخرة بما حققه ولي نعمتهم، وعثمانهم الجديد الذي يقدسون، وسيكتب التاريخ ويخبر الأجيال القادمة، بأن اليمن المتعب من نخبه، والمتاجر به من ساسته، لم يكن يوماً في حساب الإخوانج أو تلك النخب أبداً مهما ادعو وتشدقوا، وأن المواطن اليمني كان في عهدهم المشؤوم هو المسحوق الذي تلذذوا بأناته!! وفرضوا عليه أن يختنق قهراً ويغرق في همومه ولا يطالب بحقوقه، فحقه الوحيد لدى الحاكمين الجدد هو الموت في محارق الجبهات مع الحوثيين، أو انتظار رصاصة الغدر والاغتيال من مجاميع الإصلاح.