عبدالإله الشرجبي

عبدالإله الشرجبي

تعز الحالمة.. وطن الجميع وبلد الكل

Wednesday 19 August 2020 الساعة 02:49 pm

ثقافة الإقصاء والتهميش وإلغاء الآخر هي ثقافة اجتماعية خطيرة، ثقافة المليشيات الأنقلابية التي تدعي الطهر، وتدعو إلى القيم، وتمارس الرذيلة، وترفض الفضيلة إن جاءت من الآخرين، وتظن أن السماء تبارك مسيرتها، وأن الرب معها يحرسها بعنايته، وأنها على طريقة الحمزة والعباس، والخضر واليأس، وعلى منهاج النبوة، وعلى خطى الحبيب وآله وصحبه، والتابعين..

وهي آفة يجب أن نبتعد عنها حتى نجنب وطننا ويلات الصراع، ومدينتنا الحالمة آلات الدمار والخراب، لما يترتب عليها من أخطار تعصف بالمجتمعات التي تكون سياسة الإقصاء والتهميش هي اللغة السائدة فيها.

فعلى الجميع أن يعي تماماً أنه ليس من مصلحة تعز أن يغادر كل الذين شاركوا في قتال مليشيات الحوثي في بداية المقاومة الشعبية وكان لهم دور مهم في الدفاع عن الحالمة تعز بمجرد خلاف بسيط، حتى وإن كان هناك خلاف، يجب أن يبحث الجميع عن حلول قبل أن تصل إلى حد الاشتباكات والاقتتال فيما بينها، والنظر في أسباب الخلاف والنزاع.

إلغاء الآخر وتهميشه وتلفيق التهم الباطلة، والحملات الإعلامية ضد من نختلف معه بالفكر والسياسة، والرؤية، يجب أن تتوقف، والاستمرار في تغذية المليشيات المسلحة ودعمها أمر يرفضه كل أبناء المحافظة الشرفاء، وأن يقف الكل في وجه كل من يحاول النيل من تعز وأمنها واستقرارها.

الحوار بين كافة المكونات أمر ضروري خاصة في هذا الظرف العصيب الذي تمر به تعز خصوصا واليمن على وجه العموم، فهي تستحق أن يكون التسامح والتصالح هو سيد الموقف حتى لا يكون للعنف والفوضى فيها مكان.

الوطن للجميع، وتعز لكل أبنائها، فالاستقرار هو ثمرة التسامح، والأمن مسؤولية مشتركة، والهدوء والسكينة حلم كل أبناء الحالمة الذين لهم مع كل جريمة حكاية، ومع كل كل ألم دمعة، ومع إشراقة شمس كل يوم جديد قصة وجع يعيشها المواطن المسكين في ظل مليشيات تعبث بالأمن والاستقرار وتنشر الخوف والفوضى في كل حارة وشارع من شوارع تعز الحبيبة.

والدولة تقف عاجزة عن تقديم قادة المليشيات للمحاكمة العادلة حتى ينالوا جزاءهم جراء ما ارتكبوه من جرائم بحق تعز.

هذه تعز يا سادة تستحق الحب، والتقدير والوفاء. والمجد الكبير، والفخر والسمو، والرفعة، فهي بحق تستحق العظمة والإجلال، فهي منبع الثقافة، وموطن الفكر، ورمز العلم والحضارة..

لا أن نجعل منها مدينة أشباح خاوية على عروشها، تشكو إلى ربها كل من ظلمها، تفتقد إلى أدنى مشاريع البنية التحتية، روائح المستنقعات والمجاري تفوح من كل زاوية، والسلطة عاجزة عن إصلاح أي خلل صغير بذريعة اننا في وضع حرب وقتال، وأن الحوثي لا يزال على أطراف المدينة، وأن تعز يحاربها الجميع.

تكدست القمامة في مجاري السيول لتجعل منها قنبلة بيئية يصل ضررها إلى كل مساكن المدينة، ومصدرا مهما للأمراض والأوبئة والحميات المختلفة التي ذهب ضحيتها الكثير من المواطنين الأبرياء.

شوارع المدينة هي الأخرى لم يتم إصلاحها، وإعادة تأهيلها كما ينبغي، وكل طرف يتهم غيره بالفساد والفوضى، حتى من لديه السلطة والقوة، والجاه والنفوذ يسخر قوته لاستخراج المسيرات، والمظاهرات، للاستعرضات أمام خصومه وأمام الرأي العام، وأمام دول الإقليم والعالم، لكسب عداء مطلق للمدينة وساكنيها فقط في الوقت الذي يجب أن تسخر كل القوى لتحرير المحافظة من المليشيات الانقلابية، وضبط الخارجين عن القانون، ومن يناصرهم ويقدم لهم الدعم ويساندهم والجميع يعرفهم.

إن الحديث عن مدينتي تعز هو الحديث عن قلب اليمن الكبير الذي يتسع لكل أبناء اليمن دون تمييز أو تفرقة، فتعز لكافة الأطياف التي تعيش تحت سماء المدينة وفوق ترابها الطاهر، كما هي لكل أبناء اليمن شمالا وجنوبا، وشرقا، وغربا.

لقد حاول الكثيرون وفي مراحل مختلفة تشويه صورة هذه المدينة بأفعالهم القذرة وتحويلها من مدينة العلم والثقافة إلى مدينة الفوضى، ومن الحالمة تعز إلى مدينة العنف والصراع، ومن مدينة الفكرالسليم إلى مدينة الإرهاب والتنظيمات الخارجة عن القانون، حتى أصبح القتل فيها على الدوام، وعلى أتفه الأسباب تقتل النفس البريئة.

ستبقى تعز عصية على أصحاب المشاريع الخبيثة، والأفكار الخاطئة، والمناهج الباطلة، والعقائد المنحرفة، والله غالب على أمره.

المجد لتعز، ولا نامت أعين المليشيات، وحتما ستنتصر تعز..