محمد ناجي أحمد

محمد ناجي أحمد

تابعنى على

تعز.. عصر المليشيا والسقوط المناطقي

Saturday 22 August 2020 الساعة 03:04 pm

الموقف من نتائج اختبارات القبول في كلية الطب بتعز مظهر من مظاهر وتداعيات هذا السقوط المناطقي، الذي صار خطاباً واضحاً وصارخاً من سنوات...

معايير القبول تعتمد على تكافؤ الفرص بين الأفراد لا توزيع حصص للمناطق، فالتوزيع على أساس المنطقة والجهة والعرق والنوع، والدين والمذهب كل ذلك لا يؤسس ولا يبني دولة المواطنة، لكننا في عصر الميلشيا ودويلات الطوائف!

لو كان النقد ذهب نحو التشكيك بالمعايير وأنها لا تعطي فرصا لتكافؤ الأفراد المتقدمين للاختبارات لكان في ذلك حجة، لكن الحملة الإعلامية استندت على منطق مريض في مناطقيته، وهو تعبير عن ما وصلنا إليه من سقوط للجامع الوطني نحو قيعان هويات مجهرية طاردة!

ذات حوار صحفي أجري معي عام 2010 كان السائل يتحدث عن تفوق الحجرية، ولأن السؤال مبني على وهم التفوق المتعالي على التاريخ قلت له:

التفوق هنا يُحال إلى عوامل موضوعية، فالمدرسة تأسست في نواحي وعزل الحجرية منذ ثلاثينيات القرن العشرين، وشحة الموارد في المنطقة، وقلة فرص العمل، وزيادة المواليد فيها، وقلة الأراضي الصالحة للزراعة مقارنة بالكثافة السكانية دفع بأبناء هذه المنطقة إلى العمل في مدينة عدن، وهناك عملوا وتعلموا، وهاجروا إلى إفريقيا وغيرها من القارات، فاجتمع العمل والعلم...

لكن الظروف الموضوعية ليست ثابتا بل متحولا -مع الاستدراك أن هناك العديد من العزل والنواحي في الحجرية ظلت على بداوتها- وأرى أن توفر هذه العوامل في مديريتي شرعب، سواء من حيث ازدياد الكثافة السكانية أو الهجرة أو قلة الأراضي الزراعية التي تفتته بسبب التقسيم بين الورثة المتكاثرين، كل ذلك دفع بأبناء هاتين المديريتين: السلام والرونة نحو إيلاء العلم الاهتمام الأكبر، فكان انخراطهم بالكليات النقدية، وتحديدا الطب وكلية الإعلام، نعم فالإعلام تخصص نقدي، خاصة مع ثورة المعلوماتية والفضائيات والمواقع الاليكترونية والصحف الورقية... إلخ.

العلم والعمل معياره تكافؤ الفرص بين الأفراد لا المحاصصات المناطقية، بما في ذلك المناطق النائية تأخذ حصتها في توزيع الخدمة المدنية للعمل في هذه المناطق لا في تحديد حصص ومحاصصات مناطقية في فرص العلم والعمل...

هذا حين نتحدث عن وطن ومواطنة ووطنية لا حين نكون في عصر المليشيا وسقوط الدولة، فمن قال بأن ما تخسره الدولة تكسبه المليشيا كان دقيقا...

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك