نبيهة سعيد

نبيهة سعيد

تابعنى على

متاهة عبثية

Wednesday 23 September 2020 الساعة 07:52 pm

حدثت هذه الحكاية خلال فترة حكم جمهورية القبيلة التي يريد الغالبية المغيبة والمسيرة بالعواطف والشعارات بفضل التزييف والتغييب الممنهج للوعي وايضاً بسبب ثقافة تبعية وخنوع متجذرة عودها واستنساخها بل ويعملون باستماتة خلف عناوين عريضة براقة من اجل تحقيق ذلك رغم انها الوجه الآخر لجمهورية السلالة التي تختلف عنها شكلا ولكنها لا تختلف عنها كثيراً من حيث المضمون.

غابت سلطة الدولة وحضرت سلطة شيخ القبيلة في جمهورية القبيلة، اما جمهورية السلالة حدت من سلطة شيخ القبيلة ليس لصالح بناء دولة ولكن لصالحها ولم تقض على سلطته تماماً بل جيرتها من اجل خدمة السلالة فهم في نهاية المطاف مجرد ادوات قذرة استخدمتها السلالة عبر تاريخها من اجل فرض سطوتها وهيمنها مع استثناء القلة القليلة منهم الذين لم يستطيعوا تحريك المياه الراكدة في ظل ثقافة غالبة متمترسة.

لعبة تبادل الأدوار بين جمهورية القبيلة وجمهورية السلالة استهوت حتى الجوار الاقليمي ومن خلال هذه المتاهة العبثية يمكن لهذا الجوار إبقاء اليمن منهكاً ومستنزفاً وفي حالة صراع دائم، ولن تخرج اليمن من الحفرة إلا بكسر هذه المتاهة والحلقة المفرغة.

إليكم الحكاية:

يُحكى أن مهندسا صينيا كان ينفذ مشروعا خدميا في منطقة تابعة لإحدى القبائل في شمال الشمال، فاعتدى عليه مسلح يتبع قبيلة مجاورة وتسبب الاعتداء بمقتل شخصين امامه من خارج المنطقة كانا يعملان معه، تحرك شيوخ القبيلة المعتدية بمعية القاتل يرافقهم ثور لتهجير شيوخ القبيلة المعتدى عليها، حضر المهندس الصيني مشهد التهجير برفقة مسئولين حكوميين بالمديرية ولم تفارق نظراته الحادة وجه القاتل كسهام تريد تقتص منه، ولم يوقفها سوى سماعه لأصوات الزوامل والسكاكين تحوم حول رقبة الثور الضحية، فانتفض من مكانه محاولاً وقف مسرحية الاعدام الهزلية للثور الضحية، فأوقفه احد المسئولين فصرخ الصيني بوجهه قائلاً ليس هذا القاتل واشار بأصبعه الى القاتل الحقيقي..

قهقه جميع المسئولين بوجه المهندس الصيني وانصدم المهندس عندما وجدهم يعانقون القاتل الحقيقي وكأن شيئاً لم يكن، انتاب المهندس توجس وذهول من هول ما حدث وما يرى امامه وقرر يومها مغادرة الموقع وتوقف المشروع الممول من الصينيين.

القبيلة كانت وما زالت أهم وأقوى عقبة في وجه بناء الدولة، وخطورتها لا تقل عن خطورة التيارات الدينية بشقيها الشيعي والسني.

القبيلة مكون اجتماعي ولن تنتهي بين ليلة وضحاها ولكن ستنتهي تدريجياً مع الحضور الفاعل للدولة وانتشار التنمية والتعليم الجيد.

فالقبيلة ليس مكونا سياسيا لتختطف السلطة وتتغول في مفاصلها وتعمل على تجييرها من اجل خدمة اهدافها ومصالحها الضيقة، وحتى أي مكون سياسي لا يحق له اختطاف السلطة والاستحواذ عليها بمفرده ويعمل على إقصاء وتهميش باقي المكونات والاطياف.