من الأمثلة الشعبية التي تنطبق كثيراً على واقع التعامل الحكومي مع الحوثي، يبرز دوماً المثل القائل (ارزاق ما هي على البكارة)، فالحوثي يقطف النتائج وتأتيه الفوائد أكثر مما يتوقعه في أعظم أوقاته تفاؤلاً.
فالشرعية الإخوانية والأمم المتحدة حافظت على الحوثي ومقاتليه في محافظة الحديدة، في الوقت الذي كان بين تحرير المدينة والأبطال صبر ساعة، ولكن تلك هي رغبة الإصلاح وخيانته وتآمره على كل جبهة لا يُديرها هو، وذاك هو الرزق السهل للحوثي.
وعندما تكشفت مخططات قطر وذراعها في اليمن -حزب الإصلاح- ومؤامراتها على دور التحالف في بلادنا، بالإضافة لتوصل الدوحة لاتفاقات وتفاهمات مع طهران تقضي بتكامل الجهود وتخادم أتباعهما في اليمن (الحوثي، الإصلاح)، سارعت شرعية الإصلاح وجيشها في إبداء حسن النية والمبادرة بتنفيذ التفاهمات القطرية الإيرانية، وسلمت نهم والجوف لمليشيا الحوثي بأقل جهد وتكاليف، فالتهمها الحوثي وانفتحت شهيته على مارب، يعني (أرزاق مش هي على البكارة).
وبالأمس، ورغم إنسانية ملف الأسرى والمختطفين، وإيماني الكامل بضرورة إطلاق الجميع وتحقيق الأمن والاستقرار وانتهاء هذه الدوامة من الصراع القذر الذي أنهك ودمر الحرث والنسل في بلادنا، إلا أننا وبمقارنة بسيطة بين الأسرى المفرج عنهم سنجد أن الحوثي أفرج عن معلمين وصحفيين وأكاديميين ومواطنين خطفهم من منازلهم أو في طريق سفرهم، وبعض العسكريين الذين أسرهم في بعض الجبهات، بينما تم تسليمه ما يعادل كتيبتين بعدد يفوق 620 مقاتلا عقائديا تم أسرهم وهم يقتلون ويقاتلون ويفخخون ويفجرون وينكلون بأبناء اليمن.
وفرق كبير أن يتم المساواة بين مختطف مدني، وأسير مقاتل متطرف، ولكن هي أرزاق الحوثي التي تمنحه إياها الشرعية الرخوة المتعفنة بالفشل والفساد.
لولا فشل الشرعية وفسادها، وتآمر الطرف المتحكم بها (حزب الإصلاح) بكل مفاصل الدولة وخصوصا العسكرية، لما تمكن الحوثي من تمرير ما يريد، والحصول على ما يشاء، فلو أنه وجد دولة بمعنى الدولة وجيشا يستحق مسمى جيش دولة ووطن، لما ظل في غيه وبغيه وإرهابه.. ولو أن المليشيا تلمس مصداقية من الشرعية في اقتلاعها واستعادة الأرض المغتصبة حوثياً، ولو أن المليشيا شعرت بأن كل يوم يمر تضيق الدائرة عليها في كل الجبهات لما قامت بما تقوم به.
لا يعني الأسرى المفرج عنهم للحوثي شيئا، فهو لا يرى فيهم أكثر من 600 مقاتل عقائدي سيضافون لمجاميع أخرى وبهم سيقتل ويقاتل وينتهك حرمات الدم والأرض اليمنية.