البروباغندا: هي الدعاية الموجهة، وبمعنى مبسط، هي عرض المعلومات بهدف التأثير على المواطن بإعطاء معلومات ناقصة أو كاذبة أو مضخمة أو الامتناع عن تقديم معلومات للتأثير على الأشخاص عاطفياً بهدف التأثير على آراء أو سلوك أكبر عدد من الأشخاص، وهي مضادة للعقلانية والموضوعية في تقديم المعلومات.
اتخذت البروباغندا الإخوانية مسارات خمسة واضحة لتمكينها:
- تعاضد الإعلام والإعلان والمنظمات الحقوقية والإنسانية والإغاثية ومسميات مراكز الأبحاث... الخ، وهي مترابطة ومتكاملة بمئات مراكز الإشاعات وشبكات تلفزيونية وصحف وآلاف المواقع ومنصات تويتر وحوائط الفيس بوك وينثر ذبابه في صفحات التواصل الاجتماعي محليا وإقليميا ودوليا، وكلها تصدر عن "صوت واحد تمجيداً لمريدهم وتشهيرا وتقبيحا وتخوينا لعدوهم".
وكل شبكاتهم مترابطة لا تنقل الحقيقة إما بعرضها ناقصة أو كاذبة أو مضخمة أو حجبها.
ونموذج ذلك أن مركزا إخوانيا في صنعاء جنّد صحافيين غربيين -والارتزاق وبيع الذمم ليس خاصية العالم الثالث- زاروا شبوة فتعاملت معهم البروباغندا الإخوانية أينما وُجِد للإخوان تواجد إعلامي، محليا واقليميا ودوليا، بأنها تؤكد الثقة التي ينالها التمكين فتعاملوا معها كسياق مستقل ليس مرتبطا ببلد يعاني حربا وآثارها المدمرة في كل المجالات وهي حالة سبق وأن قدموا بها مارب.
- التغطية على مشروع التمكين بشرعية تعيين المحافظ وأنه بقرار من رئيس الجمهورية، فيبرر اتباع التمكين تمكينهم بالقول "مارجينا انا لقينا آدمي عنده نسبة من ضمير".
فالخلاف ليس معهم على ضمير المحافظ بل مع مشروع التمكين وانه يجري في عروقه والذي يبنيه، بتجريف من ليس مع أو نصيرا للتمكين، تحت غطاء الشرعية تارة وأخرى تحت مقولة شبوة أولا، وتارة ما في البيت إلا اهله، وتارة باسم التنمية، وتارة باسم محاربة الفساد وغيرها من عناوين البروباغندا التي يجيد التمكين تلفيقها أو تضخيمها ليخفي أجندته تحتها.
- التمكين من المفردات الأمنية والعسكرية التي حقق معظم ما يهدف إليه فاستطاع إما أن يؤخون تلك المفردات أو يحيّد من لايثق بها أو يعزل وظائفها فتكون مجرد عناوين للدلالة على مؤسسيته فيسجن خارج القانون ولا يلتفت لفتاوى تلك المؤسسات غير المؤخونة، وهي ذات صلة مؤسسيا بالاعتقال وسخّر البروباغندا ضد الإمارات العربية وجعلها أشد خطرا من الحوثي والتواجد الإيراني، ويستعرض بطولات وهمية لمحاربتها في شبوة فتارة بانها تستهدف المحافظ وان عدد محاولات اغتياله لا تُعد، أو بالقيام بغزوات استعراضية باتجاه العلم وبلحاف تتم تغطية بطولاتها في كل شبكات البروباغندا محليا واقليميا ولا تلبث ان تتلاشى كما بدأت، لكنها تترافق وسياسة تمكين على المفردات الأمنية والعسكرية أو إنشاء مسميات أمنية جديدة والتجنيد يجري على قدم وساق لمجندين أغلبهم دون 18 عاما!!
- بروباغندا التنمية.. ما ساعد على رواجها أن شبوة طيلة الوحدة كانت محرومة إلا من مشاريع تفيد المركز في صنعاء واستخدمت النسبة الضئيلة من حصة المحافظة من النفط والموارد الأخرى لشراء الولاءات والذمم فيها، وجاءت الحرب الأخيرة فدمرت الطرقات وسادت العشوائيات وتراخت الإدارات خاصة في عاصمتها وقام المركز في الشرعية بمحاصرة كل المحافظين الذين أداروا شبوة قبل تسليمها للتمكين الذي انفتحت له أبواب الشرعية المغلقة.
ورغم ذلك، فإن أسطوانة التنمية يمكن حصرها في بناء بوابتين في مدخلي عتق وإعادة تأهيل شارع طوله بضع كيلو مترات، ولو أنك تسير فيه بانسيابية ستقطعه في اقل من ربع ساعة، لكن توجد فيه 6 نقاط تفتيش ثابتة و2 غير ثابتة!!
وقاموا بإزالة سوق الخضار والعشوئيات التي انتشرت حواليه وتضخيم ناقلة نفط على ساحل بلحاف وجعلها ميناءً استراتيجياً طالما انتظرته شبوة والاستبشار بأن أولى الدفعات من النفط إليه وصلت... الخ، وضاع مشروع الخزن الاستراتيجي الذي بشّروا به لأنه أضّر مصالح هوامير كبار.
وتنظيف الأشجار الحراجية التي انتشرت على جانبي الطريق من عتق حتى مفرق الصعيد وترميم طرقات في بضع مديريات لا تتجاوز في مجموعها رقما يصح أن نسميه بنية أساسية!!
- بروباغندا الفساد.. لن يدافع عن الفساد إلا فاسد أو محبذ له، لكن محاربة الفساد تكون بطريقة مؤسسية وبمؤسسات رقابية وتتطلب وضع آليات تمنع وصول المال العام بشكل سائب إلى يدي الموظف العام بل تصله كرقم يصرف منه وهذا لن يقوم به التمكين في شبوة لأنه سيقطع شريين تمويله، ومحاربة الفساد لا تعني بأن يقتحم المحافظ إدارة ما ويلقي بطاقمها إلى السجن ثم يتكرم بإطلاق سراحهم، فعصر الخليفة الذي ينزل يتفقد أحوال رعيته ولّى فتلك الطريقة في النزول لن تحارب فسادا ولن تعيد لنا خليفة راشداً.
فمحاربة الفساد تتطلب تفعيل الجهات الرقابية من رقابة ومحاسبة ونيابة وبحث وتحرّ وأجهزة أمن رقابية. فالتاجر الشبواني يدفع مبلغ 50000 ريال ضريبة على حملة قاطرة أو ما دونها سواء نفط أو مواد غذائية... الخ، بينما قاطرات الحثيلي وشركائه من هوامير الفساد الكبار لا يعلم أحد كم تدفع ويقال إنها تدفع 30 سنتا ما يثبت اختلال معايير محاربة الفساد، وأن محاربة الفساد الأصلي ليست كمحاربة الفساد الهشتي.
محاربة الفساد تتطلب شفافية في تحصيل الضرائب والإيرادات والجهة التي تجباها والجهة التي توّدع فيها وجهة الصرف ومجالات الصرف وهل هناك صرف من موارد شبوة لتمويل الجبهات كما يتردد!!؟
وهل تودع في بنك أم صراف وتاجر عملة؟ وهل هناك من أموال تودع لدى صرافين ويُطلب من الجهات المالية شرعنتها وهي لا تعلم عنها شيئا... الخ؟
ونأتي للتجريف في مستشفى عتق بدعوى محاربة الفساد أو عدم الكفاءة، وهو ما شغل شبوة خلال الأسبوع الماضي.
أنا هنا لا أتهم ولا ازكي أو ادافع عن الفساد في هذا القطاع فهو كسائر الإدارات قد يكون موبوءاً، لكن نأخذ البديل، فالمدير الجديد تخرّج عام 2019م وما زال لم يستلم شهادته الأصل!! وكان في المستشفى الميداني في مفرق الجوف قبل اجتياح الحوثي لها، فهل مؤهلاته وخبراته الإدارية تتناسب وتكليفه؟!!
والتجريف لم يشمل المدير بل طاقم العمليات والتمريض والاخصائيين، وللتتبيل التمكيني للقبول الشعبي بالتجريف أضافوا لها مسمى بروفيسور.
قد يكون طاقم المستشفى فاسدا أو غير كفء، لكن لما يحلّ البديل أغلبه شماليون كانوا في المستشفى الميداني في مفرق الجوف وهو طاقم إخوانجي!! ألا يثير التساؤل؟
وهل انعدمت الكفاءات في شبوة بأن يحل البديل منها؟ أين أصحاب ما في البيت إلا أهله من ذلك؟!!
هل من هدف ومغزى آخر بتجريف الكادر الجنوبي باسم الفساد وإحلال كادر شمالي بديلاً عنه؟
يبدو أن الهدف ليس محاربة الفساد بل فرض التمكين في قطاع الصحة وإعداد المستشفى وتحويله إلى مستشفى ميداني.
فلم يعد الاستثمار الإخواني في مجال الصحة كافياً!! لاستيعاب مخطط المعركة القادمة والكادر الجنوبي، ليس موثوقاً، ولذا لا بد من إزاحته تحت شعار محاربة الفساد أو عدم الكفاءة وإحلال طاقم تمكين موثوق، ما يؤكد أن التمكين في شبوة يعدّها لحرب قادمة.
إن التجريف بهذه الطريقة يعني شيئين:
الأول: أن الإخوان يفرضون تمكينهم في كل المجالات في شبوة.
والثاني: أن يحل بدلاً عن الفساد القديم فساد متوضئ.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك