تتخلق الدول من مجموع إرادات بينها المادي والمعنوي والإلهي. ولقد كان وجود يحيى مصلح وقتها خليطًا من فرص نادرة، فما من قرية إلا وللحركة التعاونية جذوة مشتعلة ووهج مضاء.
ما بين مدرسة تشاد وطريق يشق ومصلحة خدمية تقام حيث صنفت حركة التعاون الأهلي اليمنية كواحدة من أنجح التجارب التنموية في العالم الثالث.
لست أدري كيف قهر اليمنيون أشد الجبال صلابة ومنعة فنخرتها فؤوسهم صحبة عدد محدود من معدات الشق التي تتنقل من عزلة لأخرى فيستقبلها الأهالي كما يستقبل العريس شريك حياته.
ولقد شهدت البدايات الأولى لهذه الحركة رفقة والدي في اجتماعات ممثلي مديريات المحافظة على عهد الأستاذ الكبير الذي تتقزم الجبال أمام هامته وشهامته المناضل اليساري الصلب محمد علي قعطبة، غفر الله له ورحمه، وخلال ترؤس الفقيد الجليل محمد حسن دماج مجلس تنسيق الهيئات التعاونية في المحافظة، وتلك ذكريات مكانها الحلقات الأولى.
وفي الأثناء برزت كوكبة من الملكات الشابة المدافعة عن حق أو المناهضة لباطل؛ عبدالرحمن عزالدين، عبده أحمد عباس، عبدالعزيز الشجاع، منصور عبيان، أحمد الأزهري، وكان لهذه الكوكبة النابضة بالحياة صولات وجولات.
حينها ومدينة إب متخمة برعيل من اليافعين الذين صهرتهم مكنة رائد الإدارة المدرسية ومايسترو الثورة التعليمية في م / اب الأستاذ محمد العلاية، رحمه الله، إلى جانب أقرانه من التربويين أبرزهم وارقاهم وأكثرهم تواضعا الأساتذة الرائعون عبدالفتاح عبدالله اسحم.. جبله، عبد الواحد الخياط.. إب، عبدالرحمن عبدالرحيم الشرعبي.. العدين، محمد حسن اسحم.. حبيش.
أما على صعيد الحراك السياسي فتحتل إب المرتبة الثانية بعد م/ تعز من حيث التفاعلات الحزبية _ التي تشتغل تحت الأرض_ في ظل قواعد دستورية _ جائرة إلى حد كبير _ تحرم الحزبية وتلقي عليها صبغة التخوين.
قبيل وأثناء الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر خرج طلائع الشباب من اليمن شرقًا وغربًا في طلب العلم وتأثروا بتجارب إنسانية تحررية يسارية وقومية وإسلامية وحين عودهم الوطن تشاركوا في ملاحم اليمن الكبرى ثم ما لبث الأمر غير قليل وإذا بالصراع على السلطة يتنازعهم كلٌ وفق ما يراه طريقه المستقيم وانموذجه الأمثل، وهو الأمر الذي جعل حكيم اليمن المبجل القاضي عبدالرحمن الارياني، طيب الله ذكراه ورحمه، يطلق مقولته الذائعة "الحزبية تبدأ بالتأثر وتنتهي بالعمالة".
