صادق ناشر

صادق ناشر

جريفيث والمهمة الناقصة

Sunday 16 May 2021 الساعة 05:03 pm

تعيين مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن البريطاني مارتن جريفيث في منصب جديد في المنظمة الدولية، وبقاؤه في منصبه إلى حين تعيين مبعوث جديد يحل محله في وقت قريب، يطوي صفحة أخرى من صفحات المشاركة الدولية في حل أزمة اليمن منذ عام 2014.

لم يكن تدخّل الأمم المتحدة في أزمة اليمن حميداً، فالواقع يقول إن كل هذه المشاركات لم تتمكن من معالجة الوضع الذي نتج عن الانقلاب الذي أدى إلى خروج الرئيس عبدربه منصور هادي من البلاد، بعد دخول جماعة الحوثي العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول من العام 2014، وما تبع ذلك من اجتياح لكافة مناطق البلاد، قبل أن تشهد البلاد تدخلاً من قبل التحالف العربي منذ مارس/آذار 2015، والذي لم يحسم الصراع بشكل نهائي حتى الآن.

لم يكن تعيين جريفيث في عام 2018 سوى تخبط آخر في سياسة الأمم المتحدة حيال اليمن، فالرجل كان يفتقد الديناميكية المطلوبة لحل الأزمة، وركز عن ذلك في البحث عن أي إنجاز، ولو كان هشاً وغير حاسم، كما حدث في الاتفاق الذي وقعت عليه الشرعية وجماعة الحوثي في السويد نهاية 2018، وكان يخص تجميد حسم المعركة في محافظة الحديدة غربي البلاد، والتي كانت ستغير كثيراً من المشهد.

بعد اتفاق السويد، لم يقدم جريفيث ما يشفع له للبقاء في منصبه، وكان كثير الزيارات إلى اليمن ودول المنطقة، خاصة المملكة العربية السعودية، لكن غابت عن هذه التحركات رؤية واضحة للحل.

 فقد كان يبحث عن مجد شخصي أكثر من البحث عن حل للأزمة التي يتفاقم خطرها مع مرور كل يوم.

 وفي كل الإحاطات التي قدمها في الجلسات التي كان يعقدها مجلس الأمن الدولي، ظل يستخدم العبارات المطاطة حتى لا يفقد منصبه بإغضاب طرف من الأطراف المشاركة في الأزمة.

 وحدها الإحاطة التي تجرأ وتحدث فيها بكلام مغاير عما يحدث، كانت في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن في وقت سابق من الأسبوع الجاري، عندما أشار إلى أن إصرار جماعة الحوثي على اقتحام مأرب، عمل غير صائب.

بالطبع لم تكن هذه الإشارة إلا بعد تأكده من أنه سيخرج من المشهد، وإلا كان سيستخدم الأسلوب نفسه الذي استخدمه طوال السنوات الثلاث التي بقي فيها في منصبه.

كما أن علاقته بالحوثيين ساءت في الفترة الأخيرة، حتى إنهم رفضوا استقباله أكثر من مرة، سواء في صنعاء أو في العاصمة العمانية مسقط التي تشهد منذ فترة، حراكاً دبلوماسياً، تشارك فيه الولايات المتحدة بفاعلية عبر مبعوثها إلى اليمن تيم ليندر كينج، الذي حث الحوثيين على استقبال جريفيث.

في نهاية المطاف لم يترك جريفيث أي نقطة تحسب له في ملف الصراع في اليمن؛ لأن المشكلة لم تكن في قدراته الدبلوماسية المشهود لها في مسارات أخرى؛ بل بعدم إلمامه وفهمه لطبيعة الأزمة في اليمن، وهي سلبية تخص كل المبعوثين الأمميين في ملفات الصراع بمختلف دول العالم.

*نقلا عن صحيفة "الخليج"  الإماراتية.