علي المقري

علي المقري

تابعنى على

محمد عبده والأغنية اليمنية

Wednesday 30 June 2021 الساعة 08:43 am

ساهم الفنان السعودي الكبير محمد عبده في انتشار الأغنية اليمنية على نطاق واسع خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وذلك من خلال التوزيع الموسيقي الحديث للأغاني وبثها عبر قنوات إعلامية شهيرة. 

وأدت صلته الحميمة بالفنانين اليمنيين إلى اكتساب خبرة بتاريخ وتنوع هذه الأغنية في مختلف مستوياتها.

مع هذا، بدا الفنان محمد عبده مقيداً بالشروط الاجتماعية الدينية التي عاش ويعيش فيها، فأعطى لنفسه الحق في القيام بتحريف بعض كلمات الأغاني اليمنية التي لا تناسب واقعه المحافظ خصيصا مع ازدياد ما سمي بالصحوة الإسلامية في السعودية، وقد اتبعه في ذلك الكثير من الفنانين، وأبرزهم أبو بكر سالم بلفقيه في تعامله مع الأغاني الصنعانية، وهو ما سنفصله في مقال لاحق.

سوف أكتفي هنا، لمناسبة يوم الأغنية اليمنية، بالإشارة إلى ما قام به في أغنية (سرى الليل)، وهي تنسب لعدد من الشعراء أولهم الشاعر عوض عبدالله بن سبيتي المولود في الديس الشرقية بحضرموت عام 1880م.

وما سنجده أن الفنان محمد عبده قد قام بحذف أو تعديل العبارات والكلمات التي وضعتها هنا بين قوسين، مع ملاحظة أن الشاعر كان ينطلق من موقع إيماني، وهو ما نجده في قوله: (أستغفر الله لا يكتب علينا خطيئة).

 سرى الليل

 سرى الَّليل وانايم على البحر ماشي فايدة في منامِ الَّليلة حل السَّرية

سرى الَّليل وارامي شباك الهوى والبحر كلَّه نوى وإنتَ حياتك شجية

(ملكتَ السماء والأرض ما هي لحد واستغفر الله لا يكتب علينا خطيئة)

سرينا وشرَّعنا غوابيرنا والعشق ما هو لنا لأهل القلوب السلية

سرى الَّليل وامولد الذهب والرِّشوش لا شدَّوا الخيل يشد المُهرة العولقية

أنا (اسمي) محمد ما (أمتلكش)  لحد إلاَّ المقادير جابتني لأبوكم هدية

سماها وكرسيها لخلاّقها  و(الأرض لك ملكها) والنَّاس (عندك) رعيّة

يا ابن النَّاس حبيتك وحبيت أنا .. يا ليتني ملك لك وإلا تصير ملك ليه

نظرني من الطَّاقه وحرق لي الكبد .. وإنتَ الدواء لِلكبد يا أبو الخدود الندية

أنا يا حبيب مظلوم وإنتَ السَّبب .. أهو ليه ياصاحبي دايم تِنكد علَّيه

ونلاحظ لدى السماع أن محمد عبده قام بحذف هذا البيت:

(ملكتَ السماء والأرض ما هي لحد واستغفر الله لا يكتب علينا خطيئة)

وحوّل قوله (سماها وكرسيها لخلاّقها والأرض لك ملكها)  إلى (والأرض له ملكها)... إلخ 

وهناك الكثير من الفنانين قاموا بأداء الأغنية إلا أنهم لم يقوموا بتغير أو حذف بعض الأبيات منها وإن حصل فإن ذلك لم يمس بجوهر الأغنية كما هو لدى طلاح مداح وفيصل علوي وشروق وغيرهم.

سأنشر رابطين هنا لإداء الأغنية الأوّل بصوت محمد عبده والثاني بصوت الفنان فيصل علوي وهو قريب إلى الأصل، ويمكنكم البحث في اليوتيوب لسماعها من فنانين يمنيين آخرين، سواء قبل التحريف أو بعده.

يذكر أن اليمنيين ابتكروا عيداً للأغنية (الأوّل من يوليو) مقاومة لحملات التحريم الدينية ضد الغِناء والفن والتي تقودها مليشيا الحوثيين وعبدالله العديني وأتباعه.

وهي مناسبة للتذكير بالانحرافات الأولى لتشويه الأغنية اليمنية المفعمة بالحرّية.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك