د. عبدالودود مقشر

د. عبدالودود مقشر

تابعنى على

عالم تهامي ودعته مشيخة الأزهر

Saturday 21 August 2021 الساعة 09:18 am

عالم من تهامة خرجت مشيخة الأزهر الشريف تودعه بعدما أخذ الشهادة العالمية 1358هـ.

بالأمس الخميس 11 محرم 1443هـ الموافق 19 أغسطس 2021م، انطلقت إلى المنصورية للبحث عن علم من أعلام اليمن، كان يحدثني عنه قبل 24 عاما شيخي القاضي إسماعيل بن علي الأكوع.

 إنه العالم الشيخ الولي علي بن سالم بن عطية البجلي (1302 - 1367هـ / 1885 - 1946م).

 شددت حقيبتي ودفتري وكان معي العون من أحفاد هذا الشيخ، ومنهم القاضي الحالي إبراهيم بن علي بن محمد بن علي بن سالم عطية البجلي.

 فوجدت المكتبة التي أهدته إياها مشيخة الأزهر تقديراً لعلمه وتدريسه بالأزهر إلى جانب ما اشتراه بماله في القاهرة، وما تبقى من المكتبة محافظ عليها.

وانطلقنا مع القاضي علي إلى قرية شجينه، حيث ولد وترعرع وشب وتزوج وأنجب ولده محمد طفلاً ثم ترك كل ذلك في قصة أشبه بالخيال، مرتحلاً مع زميلين له من القرية نفسها كانا قد قرأ وتعلما إلا هو لم يقرأ ولم يكتب مطلقاً.

سافروا إلى مكة وحجوا ثم المدينة وفي الطريق علما "عليا" القرآن فحفظه بالطريق وعلماه القراءة والكتابة وبعد المدينة قرروا ثلاثتهم زيارة القدس فسافروا على أقدامهم.

قصص مؤثرة.. وجلسوا في القدس فترة مثلما فعلوا بمكة والمدينة يأكلون من عمل أيديهم... ثم عادوا إلى معان وعمان.

وفي عمان كان قدوم الشتاء قارصاً فماتا صاحباه... أيرجع.. ماذا يقول لأهلهما وأهله؟.

حزن حزناً شديداً وعمل حارساً في كراج بجانب الجامع الكبير وكان يدرس عند قاضي القضاة بإمارة الأردن شيخ الإسلام محمد الخضر بن عبدالله الماباي الجكني الشنقيطي، فأحبه وكان يجلسه بجانبه ويقرأ الكتب التي يدرسها القاضي وكان يحضر ملك الإمارة عبدالله بن الشريف الحسين والكثير، فحفظ الشيخ علي عشرات المتون ومنها الألفية وألف ومائتي بيت في الفقه الشافعي.

ثم تزامل مع قاضي القضاة -فيما بعد- الشيخ الوزير والشاعر إبراهيم القطان (1913 -1985) فكانا روحاً في جسدين، وتوجها مع شيخهما الشنقيطي إلى القدس، حيث كان بانتظارهم الحاج أمين الحسيني وكبار علماء القدس وفلسطين وحضروا مؤتمراً للقضية الفلسطينية ثم عادوا إلى عمان ومنها انطلقوا إلى اللد ثم سيناء ثم القاهرة بالقطار، وانتمى الاثنان القطان والشيخ علي للأزهر وهناك عشرات القصص التي حدثت للشيخ علي والصبر على طلب العلم حتى نال أعلى مراتبه وهي الشهادة العالمية الأزهرية من أعظم مؤسسة تعليمية في الإسلام "الأزهر الشريف".

 وجلس يدرس بالأزهر وحاول مشايخ تزويجه بمصر لكنه رفض ثم فجأة في صيف 1939م أراد الرجوع دون سابق إنذار وهو ما أزعج الكثير من أصدقائه، لكنه صمم فأهدته مشيخة الأزهر مجموعة كبيرة من الكتب وودعته وأصدقاءه، فركب من بورسعيد إلى الحديدة السفينة وكان بانتظاره أهله بشجينه، وعين عاملاً وقاضياً بالمنصورية، فكان لا يخاف لومة لائم في سبيل الحق.

 وتوفي 1946م وقيل في وفاته إنه مسموم.

 كل من ذكره من زملائه أو ترجم له يقف عنده مترحماً على رجل من رجال الإسلام الذين خدموه بحق وصدق.

وأنا في عواجه وعند ضريح الولي محمد بن الحسين البجلي تذكرت مقولة إن السر باق في الذراري حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

فما الشيخ علي بن سالم البجلي إلا سر من أسرار جده العالم القطب محمد بن الحسين البجلي المتوفي 617هـ.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك