أنور العنسي

أنور العنسي

تابعنى على

من يقود الآخر.. الأمة أم الإنسان؟

Thursday 28 October 2021 الساعة 08:38 pm

يغادر البعض الحياة قبل أن يموت، ويعيشها غيره بعد أن يموت.

الأول ممن لم تعطهم الأقدار (قدرة) على التأثير في من حولهم، والثاني ممن أمدوا مجتمعاتهم بأسباب العلم والوعي وامتلاك الإرادة لأن تصل إلى ما تريد.

في المقابل هناك رأي لتوفيق الحكيم يقول فيه: "الأمم الحية يعيش فيها أمواتها، والأمم الميتة يموت فيها أحياؤها".

كلا الرأيين صحيح، فالتأثير الإيجابي يكون في بعض الحالات متبادل.

يحضر في هذا السياق قول لعالم الفيزياء المصري الحائز على جائزة نوبل أحمد زويل، بأن "الأمم المتقدمة في الغرب تدفع بالفاشل حتى ينجح، أما أمم كثيرة غيرها فتدفع بالناجح حتى يفشل".

مع أن هذا صحيح إلاّ أنه يمكن القول أيضاً، إن من لا يملك في رأسه (فكرة) أو على الأقل (حلماً) بالنجاح فلا يمكن لأي مجتمع أن يجعل منه ناجحاً مهما بلغ وقوفه خلفه.

أما من يملك تلك (الفكرة) فلا يمكن لأي مجتمع أن يقف عائقاً أمامه.

نموذج المهاتما غاندي ونيلسون مانديلا، نادر المثال طبعاً ويشير بوضوح إلى أن الدور الأسطوري لبعض الأشخاص يمكن أن يلعب دوراً في إيقاظ بعض الأمم والشعوب من سباتها.

تفاوت كل المقولات السابقة يجعلها  تبدو نسبية، فلا كبار الزعماء الإنسانيين باتوا اليوم قادرين لوحدهم على إلهام شعوبهم، ولا الشعوب بدون زعيم ملهَم قادرة على أن تجعل منه ملهِماً.

في عالم اليوم يتراجع دور الأشخاص لصالح  كبريات الجامعات التي توفر تعليماً جيداً، وللأحزاب ذات البنية المؤسسية، وللمنظمات صاحبة المشاريع الجادة التي تعمل على ترسيخ قيم الحرية والمساواة في الحقوق السياسية والمدنية.

كل هذه المؤسسات أيضاً أو بعضها لا يمكن أن ينهض بجهد رجلٍ أو امرأةٍ لوحدهما ما لم تكن قد نشأت على أيدي أجيال من الفلاسفة والمفكرين والعلماء بتراكمٍ من علمٍ راسخٍ  ومعرفة متطورة لا يخدمان فقط أمةً بعينها بل التجربة الإنسانية برمتها.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك