اغتيال الطبيبة وفاء الباشا بصنعاء.. جريمة منظمة تكشف تواطؤ حوثي

الحوثي تحت المجهر - منذ 4 ساعات و 9 دقائق
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

هزّت  صنعاء، مساء الجمعة، جريمة اغتيال بشعة طالت الطبيبة وفاء صدام الباشا (35 عامًا)، بعد خروجها من شركة صرافة، لتسلط الضوء على هشاشة الأمن في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي والخطر المتنامي على المدنيين والنساء العاملات في القطاعات الحيوية. الحادثة أثارت غضبًا واسعًا بين المواطنين والناشطين، وفتحت الباب أمام تساؤلات حول مدى تورط الأجهزة الأمنية التابعة للجماعة في استهداف الأبرياء.

وفقًا لمصادر محلية، اعترض خمسة مسلحين الطبيبة أثناء عودتها من الشركة المالية في مديرية الثورة. حاولوا الاستيلاء على المبلغ المالي الذي كانت تحمله، إلا أن مقاومتها أدت إلى إطلاق النار عليها مباشرة، ما أدى إلى وفاتها، ثم لاذ المسلحون بالفرار حامِلين 10 آلاف دولار كانت بحوزتها.

ميليشيا الحوثي وعبر بيان صادر عن شرطة أمانة العاصمة قدمت رواية مختلفة حاولت فيه تمييع الجريمة بالقول إن إطلاق النار كان على يد مواطنين، بينما أشارت معلومات لاحقة إلى تورط مسلحين تابعين للجماعة في تنفيذ العملية. هذا التباين بين الروايات يسلط الضوء على محاولات الجماعة لإخفاء حقيقة تورط عناصرها في عمليات اغتيال ممنهجة، واستخدام القوة الأمنية لأغراض غير قانونية.

وقالت شرطة الحوثي  إن المجني عليها قتلت عندما كانت داخل سيارتها من نوع كيا سول بالقرب من مبنى وزارة الإعلام في أمانة العاصمة، بعد أن أقدم شابان هما محمد جبران سويد القيسي (20 عاماً) وعصام محمد يحيى العقيدة على كسر نافذة السيارة والاعتداء عليها.

وأضاف البيان أن المتهم الثاني أجبر الضحية على الجلوس في المقعد الخلفي للسيارة وتولى قيادتها محاولاً الفرار من المكان، فيما أطلق أحد سكان الحي ويدعى عبدالرحمن ماجد محمد السويدي النار باتجاه السيارة، ما أدى إلى إصابة الدكتورة وفاء الباشا بطلقة نارية في الرأس تسببت بوفاتها على الفور.

بدوره كشف المحامي وضاح قطيش أن المتهم الرئيسي في الجريمة، عصام العقيدة، هو عسكري تابع لقوات النجدة التابعة للحوثيين، ومعروف بسوابق في التقطع والحرابة ونهب المواطنين، وليس كما تحاول الميليشيات تصوريه أن الاغتيال كان عن طريق رصاصة أطلقها المواطن الذي حاول إنقاذ الطبيبة. وهذا يشير إلى تورط عناصر حوثية في عملية الاغتيال، وليس مجرد اعتداء عشوائي.

والمحامي وضاح قطيش طالب الجهات القضائية المختصة بإجراء تحقيق شامل يشمل تفريغ بيانات الهواتف وتحليل المكالمات، واستدعاء جميع المتورطين، لضمان محاسبة الجناة وكشف الملابسات كاملة. كما دعت منظمات حقوقية إلى فتح تحقيق مستقل يكشف الدور الحقيقي للأجهزة الأمنية الحوثية في حماية المدنيين أو تورطها في الاعتداءات.

جريمة وفاء الباشا ليست مجرد حادث فردي، بل تجسد مأساة أكبر يعاني منها النظام الصحي في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث تتداخل القوانين العسكرية والسياسات الأمنية مع حياة المدنيين، ويغيب الضمير المهني والحماية القانونية. وتؤكد الواقعة أن العاملات في القطاع الصحي، خصوصًا النساء، يواجهن مخاطر مزدوجة بين الأوضاع الأمنية المتدهورة والإهمال الإداري والتهديدات المسلحة.

تثبت هذه الواقعة مرة أخرى هشاشة الوضع الأمني في صنعاء، وغياب الرقابة على عمل الأجهزة العسكرية والأمنية في مناطق سيطرة الحوثيين. كما تؤكد الحاجة الماسة إلى آليات حماية للمدنيين، خصوصًا النساء والعاملين في القطاعات الصحية، وإرساء محاسبة حقيقية لمنع تكرار مثل هذه المآسي الإنسانية.