تقرير أمريكي :الحوثيون يعيدون التوتر إلى البحر الأحمر وسط تصاعد الخلافات الداخلية

السياسية - منذ ساعة و 55 دقيقة
عدن، نيوزيمن، خاص:

كشف تقرير نشرته مجلة The Maritime Executive الأمريكية المتخصصة في الشؤون البحرية أن ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران تعتزم استئناف عملياتها العدائية في البحر الأحمر وخليج عدن، في محاولة لإعادة التوتر إلى واحد من أهم الممرات التجارية في العالم، وذلك في ظل تصاعد الخلافات داخل صفوف الجماعة عقب سلسلة الغارات الأمريكية والإسرائيلية التي أودت بعدد من قادتها البارزين.

ووفقًا للتقرير، فإن الخسائر البشرية التي تكبدتها قيادة الحوثيين كانت عاملاً محفزًا لانقساماتٍ داخلية عميقة، لا سيما بعد الغارة التي استهدفت اجتماعًا لقيادات الجماعة في 28 أغسطس/آب الماضي، والتي قُتل فيها رئيس أركان القوات المسلحة اللواء محمد الغماري، وعدد من القادة الآخرين.

كما تعرّض وزير الداخلية في حكومة الحوثيين عبدالكريم الحوثي – وهو عم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي – لإصابة حرجة في غارة جوية سابقة على حي الجراف في مارس/آذار، ما زاد من حدة التوتر والصراع بين الأجنحة الأمنية والسياسية داخل الجماعة.

التقرير أوضح أن هذه الخسائر "هزّت بنية القيادة الحوثية"، وأدت إلى تبادل اتهامات داخلية واعتقال عدد من المنتقدين، بمن فيهم مسؤولون محليون ودوليون في وكالات إغاثة عاملة في صنعاء، في حين وُجهت اتهامات بالتجسس إلى 21 شخصًا في محاولة لتبرير الإخفاقات الأمنية.

وتؤكد المجلة الأمريكية أن البحر الأحمر وخليج عدن يمثلان دائمًا "منفذ التوتر" الذي تلجأ إليه الميليشيا عندما تواجه أزمة داخلية. وتشير إلى أن الحوثيين اعتادوا في أوقات الضعف السياسي أو الخلافات القيادية على تكثيف الهجمات البحرية ضد السفن التجارية، بغرض إعادة توحيد صفوفهم وإثبات قدرتهم أمام داعميهم الإيرانيين.

كما نبه التقرير إلى أن الحوثيين ما زالوا يحتفظون بقدرات بحرية مهمة، تشمل زوارق هجومية صغيرة وطائرات مسيّرة وصواريخ مضادة للسفن، رغم ما فقدوه في الغارات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة.

ووفقًا للخبراء الذين نقلت عنهم المجلة، فإن "أي استئناف للعمليات العدائية الحوثية في البحر الأحمر سيشكل خطرًا مباشرًا على الملاحة الدولية"، نظرًا لأن هذا الممر يشكل شريانًا رئيسيًا لنقل النفط والبضائع بين آسيا وأوروبا عبر قناة السويس.

بالتوازي مع مؤشرات التصعيد الحوثي، تجري الأمم المتحدة وسلطنة عُمان اتصالات مكثفة لاحتواء الموقف، تشمل جهودًا لإعادة فتح الخدمات الجوية الدولية عبر مطار صنعاء كجزء من حزمة تنازلات تهدف إلى تثبيت الهدنة المعلنة في 2022.

غير أن التقرير أشار إلى أن هذه التحركات قد لا تكون كافية في ظل ميل الحوثيين إلى "استخدام الضغط العسكري وسيلةً لتحسين موقعهم التفاوضي".

وحذر محللون نقلت عنهم المجلة من أن فشل هذه الجهود الدبلوماسية سيقود حتمًا إلى موجة جديدة من الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، على غرار ما حدث أواخر عام 2023 وأوائل 2024.

في سياق موازٍ، أطلقت البحرية الملكية السعودية (الأسطول الغربي) تمرينًا بحريًا واسع النطاق تحت اسم "الموجة الحمراء 8"، في مدينة جدة، بمشاركة الأردن، السودان، جيبوتي، باكستان، إضافة إلى القوات البحرية اليمنية التابعة للحكومة المعترف بها دوليًا.

ووفق البيان السعودي، يهدف التمرين إلى تعزيز الأمن البحري ومكافحة القرصنة وتهديدات الحوثيين في البحر الأحمر والمناطق الحدودية. ويرى مراقبون أن المناورة تأتي كـ"رسالة ردع واضحة" ضد أي نوايا عدائية قد تحاول الميليشيات تنفيذها بدعم من إيران.

يرى محللون استراتيجيون أن خطر التصعيد الحوثي يتجاوز السواحل اليمنية ليشمل مناطق في القرن الإفريقي، خاصة مع وجود مؤشرات على تنسيق ميداني بين الحوثيين وتنظيمات إرهابية في الصومال. ويشير التقرير إلى أن إيران تسعى عبر هذا التخادم إلى خلق محور تهديد مزدوج يمكنه تعطيل الملاحة الدولية من جانبي البحر الأحمر وخليج عدن، مستغلة هشاشة الأمن في الساحل الإفريقي الشرقي.

ويرى الخبراء أن هذا التكامل بين "التموضع الحوثي" و"النشاط الإرهابي الصومالي" يمثل خطرًا متزايدًا على الأمن البحري العالمي، ويستلزم تعاونًا استخباراتيًا أوسع بين القوى الإقليمية والدولية.

خلصت مجلة The Maritime Executive إلى أن الوضع الراهن ينذر بـ"عودة العنف البحري" إذا لم تُتخذ خطوات عاجلة للحد من نفوذ الحوثيين وضبط التمويل الإيراني لهم. وأضافت أن استمرار الانقسامات داخل قيادة الجماعة لا يعني ضعفها بالضرورة، بل قد يدفعها إلى تصعيد خارجي عنيف لتوحيد صفوفها وتأكيد حضورها العسكري. 

التقرير ختم بالتحذير من أن قدرة الحوثيين ما زالت قائمة، والنية موجودة، والبحر الأحمر مرشحٌ للاشتعال مجددًا إذا فشلت جهود التهدئة الأممية والعُمانية.