خواء يسكن مدارس صنعاء وموتٌ سريري للتعليم

خواء يسكن مدارس صنعاء وموتٌ سريري للتعليم

المخا تهامة - Monday 19 February 2018 الساعة 05:02 pm

صنعاء، نيويمن، خاص: يوما بعد يوم يتدهور مستوى التعليم الأساسي والثانوي في مدراس أمانة العاصمة؛ جراء إضراب مئات المعلمين عن التدريس، واستقدام مئات المتطوعين للتدريس بدلاً عنهم، وهؤلاء غير قادرين على تأدية الرسالة التعليمية ومراعاة وضع الطلاب ذوي المستويات الضعيفة، الأمر الذي أثر على سير العملية التعليمية في المدارس، وجعل التعليم يعيش حالة موت سريري. ففي بداية العام الدراسي الحالي، اضطر مئات المعلمين والمعلمات للإضراب احتجاجًا على توقف مرتباتهم منذ ما يقارب عام، ما جعلهم يعيشون حياة تقشفية، تفتقر إلى أساسيات العيش الرخيص، وأصبح بعضهم مهددا بالطرد من مسكنه لعدم تمكنه من سداد إيجاره، وفق ما يقوله أحد المعلمين لـâ€کâ€کالبعد الرابع’’. وتسبب هذا الإضراب في تأخير بدء العام الدراسي الذي كان مقرراً بداية العام الحالي، وقُلصت عدد الحصص الدراسية من 6 حصص في اليوم الواحد (كل حصة 45 دقيقة) إلى ثلاث، واستُقدم متطوعون للتدريس، بدلاً عن المعلمين المضربين، يفتقرون إلى الخبرة الكافية في توصيل المعلومة للطالب، وعدم الإلمام الكامل بالمادة التي يقومون بتدريسها، بعكس المعلمين الأساسيين الذين يملكون خبرة طويلة في أساليب توصيل المعلومة، وإلمامهم الكامل بالمادة، بحكم ممارستهم المستمرة في التدريس. ووفقًا للمعلم، الذي فضل عدم ذكر اسمه، فإن الإضراب سبب تدهورا كبيرا في العملية التربوية بدليل أن المنهج لم يستكمل ومستوى الطلاب متدن، حيث إن نسبة ما تم تدريسه لا يتجاوز حتى 50 بالمئة، مضيفًا أن المئات من المعلمين أضربوا عن التدريس، بينما استمر البعض ما سبب انعكاسا سلبيا على سير العملية التربوية لا تصب في خدمة الطالب ولا المعلمين المضربين، الذين يتعرضون لضغوط مستمرة من قبل جماعة الحوثي الانقلابية لمحاولة إعادتهم إلى المدارس وكسر الإضراب رغم عدم صرف مرتباتهم. وتزامن هذا الإضراب مع قرارات أصدرتها وزارة التربية بحكومة بن حبتور الانقلابية بتعيين مدراء مدارس موالين لها بدلًا عن المدراء السابقين، وتعيين مدير لمكتب التربية والتعليم في أمانة العاصمة بدلا عن â€کâ€کأحمد محمد الفضلي’’ الذي رفض اتخاذ أي إجراءات بحق المعلمين المضربين عن التدريس. وتقول مصادر تربوية، إن مدراء المدارس الذين عينتهم الجماعة الانقلابية يفتقرون إلى الكفاءة والقدرة على ضبط العملية التعليمية في المدارس. آ  - تدهور تعليمي ناتج عن معاناة المعلم منذ ما يقارب عام توقفت رواتب المعلمين؛ نتيجة الحرب التي تعيشها البلاد، ورفض جماعة الحوثي الانقلابية تسليم رواتب الموظفين؛ بحجة أن حكومة الشرعية نقلت البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن وهي من تتحمل مسؤولية تسليم رواتب الموظفين، ما دفع الكثير من المعلمين إلى التوقف عن تأدية الرسالة التربوية والتعليمية واللجوء إلى استخدام سلاح الإضراب للضغط. ويقول الأستاذ ’’عمارâ€کâ€ک، مدرس مادة الرياضيات في مدرسة عمر المختار، إن المعلم هو أساس العملية التعليمية والمحور الرئيس الذي ترتكز عليه العملية التعليمية من أجل بناء جيل واع حضاري متمكن من تعليمه، لكنه في اليمن يعجز أن يقوم بمهمته؛ نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشها. ويضيف: المعلم في هذا البلد يعيش حياة تقشفية، تفتقر إلى أساسيات العيش الرخيص وإلى العيش بكرامة، أصبح بلا مأوى، ظروف الحياة أنهكته، وكل ذلك جعله يمشي شارد الذهن مشتت الفكر، يستجدي الناس لكي يحصل ما يسد رمق جوعه وجوع أسرته، بدلاً من الاهتمام بوظيفته التربوية. وتقف هذه المعاناة، وفقا لعمار، وراء عملية التراجع الكبير الذي أصاب العملية التربوية والتعليمية، فبدلاً من تركيز المعلم على تأدية مهامه التعليمي أصبح مشغولا بالبحث عن مصدر دخل يؤمن له ولأسرته الحياة في ظل الظروف الصعبة والأساليب التي يصفها بالهمجية والممنهجة التي تحاك ضد المعلم منذ قرابة عام ونصف. وتشاركه الطالبة عبير (ثالث ثانوي علمي) في وقوف المعاناة وراء التدهور الذي يصيب العملية التعليمية، مؤكدة أن إضراب المعلمين انعكس سلبًا على سير العملية التربوية، مضيفة أنها لم تأخذ من المنهج الدراسي المقرر إلا القليل، وأنها تتلقى في اليوم الواحد ثلاث حصص فقط وتعود إلى المنزل، رغم التأخر في المنهج الدراسي. آ  - حلول تضيف مزيدا من التدهور استقدمت جماعة الحوثي الانقلابية، بداية العام الدراسي، المئات من المتطوعين للتدريس بدلًا عن المعلمين المضربين المطالبين برواتبهم، لكن هذا الحل أضاف مزيدا من التدهور للعملية التعليمية، فهؤلاء المتطوعون يعتمدون اعتمادا كليا على الحفظ ويفتقرون لأساليب الإثراء بالمادة التعليمية التي يقومون بتدريسها، بينما يحرص المعلم أو المعلمة على أن يلقي مادته أمام الطلبة أو الطالبات بصورة واضحة ومفهومة وحسب المنهج المقرر، ومراعاة وضع الطلبة أو الطالبات ذوي المستويات الضعيفة والعمل على رفع مستوياتهم لمسايرة زملائهم الآخرين. كذلك، يختلف المعلم عن المتطوع أنه يملك أكثر من طريقة من طرق التدريس المختلفة في توصيل المعلومة للطالب وامتلاك المعلومة الكاملة عن مقرره الدراسي اكتسبها خلال سنوات من التدريس، فيما يفتقر المتطوع للخبرة في توصيل المعلومة للطالب وخصوصًا طلاب المرحلة الأساسية، وعدم قدرتهم على ضبط الطلاب والطالبات داخل شعبة الصف. وأكدت مصادر تربوية، أن الجماعة الانقلابية تقوم بمطالبة الطلاب وأولياء الأمور دفع ألف ريال شهريا (ليس بالإجبار) وتوزعها للمتطوعين والملتزمين بالدوام من معلمي المدرسة. وتقول شهد (طالبة صف سابع) â€کâ€کجابوا لنا بداية الفصل الدراسي الأول معلم متطوع لغة عربية لمدة أسبوعين وبعدها معلمة متطوعة لمدة أسبوعين، وبعد ذلك معلمات المدرسة الأساسيات، وسبب هذا التغيير عدم فهمنا للدروس، موضحة أن المتطوعين ليس لديهم خبرة في تدريس المناهج، وأن هذه التغييرات في المتطوعين سبب عدم فهم لطلاب. وتعتقد مزيانة (طالبة ثالث ثانوي) أن هناك اختلافا كبيرا جدا بين معلمي المدرسة وبين المتطوعين بالتدريس، مضيفة أن الطالب يشعر أن هؤلاء المتطوعين غير متمكنين من المواد التي يدرسونها، وخصوصًا المواد العلمية. وتتابع: أن إدارة مدرستها استقدمت مطبقات من مستوى رابع كلية التربية جامعة صنعاء للتدريس لكنهن لا يقدرن على ضبط الطالبات داخل شعبه الصف، وليس لديهن الأداء والتدريس في توصيل المعلومة بشكل جيد، حد قولها. في السياق، تقول مرام (ثالث ثانوي- علمي): هناك اختلاف كبير جدا، كاختلاف الليل والنهار بين المعلمين الأساسيين الذين يعملون في حقل التعليم منذ فترة طويلة، ولديهم خبرة في التدريس وتوصيل المعلومة الدراسية القيمة للطالب بشكل سلس ومبسط، وبين المتطوعين، الذين ليس لهم خبرة طويلة في مجال التدريس، وخصوصا المواد العلمية مثل الرياضيات ، والفيزياء، والكيماء. وتضيف، أن أغلب التلاميذ في معظم المدارس رفضوا أن يستبدل المعلم المتطوع بمعلمهم السابق، ولا خيار لهم سوى النقل من المدرسة التي هم فيها إلى مدرسة أخرى أو عودة المعلم المضرب للتدريس، مؤكدة عدم وجود تعليم حقيقي في المدارس الحكومية والسبب إضراب المعلمين وانعدام المناهج الدراسية. وبالعودة إلى الأستاذ عمار يقول إن المعلمين المضربين عن التدريس لا يعني أنهم لا يهمون مصلحة التلاميذ أو وقف هذا التدهور، لكن ذلك ما يحدث خارج عن إرادتهم، فهم لا يملكون حتى ما يتواصلون به إلى مدارسهم، وهم معذورون في ذلك. آ  - عام دراسي في طريقه للفشل أصبح من المؤكد أن العملية التربوية في مدارس أمانة العاصمة تسير نحو الفشل، في ظل الاستمرار في عدم إيجاد الحلول الصحيحة لمشكلة إضراب المعلمين والاستمرار في عدم ضبط العملية التربوية والإصرار في معالجة المشكلة بحلول تؤدي إلى مزيد من التدهور. وتقول إحدى معلمات مادة التربية الإسلامية في مدرسة أروى للبنات إن جماعة الحوثي الانقلابية لا تكترث لهذا الفشل الذي أصاب التعليم، موضحة أنها تعمد على ممارسة هذا الفشل وتجهيل الأجيال لتتمكن من نشر أفكارها الهدامة والمبتذلة في أوساط مجتمع جاهل يرضخ لكل ما يملى عليه دون اعتراض. ويتفق معها الدكتور â€کâ€کزائد المرواني’’، رب أسرة، في فشل العام الدراسي "التعليم متدهور بشكل يُرثى له عبارة عن حصة واحدة، أو حصتين وبعض الأحيان يعود بعدها الطالب للبيت فارغ الحصيلة العلمية. وتصف الطالبة ’’مرامâ€کâ€ک التعليم في المدارس الحكومية هذا العام بالفاشل، موضحة أن طالبات الصف الثالث الثانوي هذا العام في مدرستها كنا أربع شعب علمي، وأن اغلب زميلاتها سحبن ملفاتهن وانتقلن للدراسة في المدارس الأهلية، لأن المدارس الأهلية بدأت في الوقت المحدد وقطعن شوطا كبيرا في المنهج الدراسي مقارنة بمدرستها الحكومية. وتقارن بين التعليم من قبل واليوم "الدفع السابقة كانت تحظى باهتمام كبير، لكن هذا العام لا يوجد اهتمام او متابع ولا أدري لماذا؟ وقد يكون السبب هو معاناة المعلمين جراء عدم استلام رواتبهم. وإلى جانب مشكلتي الإضراب وحلول جماعة الحوثي الانقلابية الفاشلة لمواجهته تضاف مشاكل جديدة تظهر حجم التدهور الكبير الذي يعيشه التعليم في مدارس أمانة العاصمة منها النقص الشديد في المناهج التعليمية وخصوصا منهج اللغة العربية للصف السابع والصف التاسع، واختبار الطلاب من وحدات لم يدرسوها، وعدم أخذ طلاب الشهادتين الثانوية والأساسية مقرراتها الكامل، وفق ما يقوله طلاب لـâ€کâ€کالبعد الرابعâ€کâ€ک. وعلاوة على كل ذلك، تستغل جماعة الحوثي الانقلابية غياب الكادر التربوي وتقوم بنشر أفكارها وأيديولوجياتها في أوساط طلاب وطالبات المدارس، والسعي إلى تجنيد وتحفيز الطلاب للذهاب إلى الجبهات، وفق ما تقوله مصادر تربوية على اطلاع واسع في العاصمة صنعاء. وأمام كل هذا التدهور المستمر، هل حان الوقت لكي تتدخل الحكومة الشرعية لإنقاذ العملية التربوية في مدارس أمانة العاصمة وتسليم مرتبات المعلمين الذين هم الآخرون يعيشون في ظروف صعبة لا مثيل لها؟