رحلتي في بي بي سي من أثير الإذاعة إلى عصر الإنترنت

المخا تهامة - Monday 12 February 2018 الساعة 06:16 pm
نيوز يمن - متابعات:

كان في المذياع بالنسبة إلي - وأنا في مصر - سلوى لي بعد وفاة والدي، آنس إليه في المساء فأستمع إلى محطة البرنامج الثاني الثقافية من الإذاعة المصرية، ومحطة هيئة الإذاعة البريطانية من لندن، كما كانت تسمى آنذاك. وكنت أسمع صوتها يتهادى من شقة عمي المجاورة لنا كل مساء، عبر جولة حصاد اليوم الإخباري التي كان يواظب على الاستماع إليها لمعرفة الأخبار، مثل كثير من المصريين. وهكذا نشأت على صوتها ونمَت فيَّ رغبة في التعرف عليها عن قرب.

وعندما قدمت إلى لندن للدراسة أتيحت لي فرصة زيارتها في بيتها (بوش هاوس)، وكانت وقتها في نهاية عقدها الرابع من العمر. والتقيت ببعض أولادها خلال تلك الزيارة ممن ذاعت أصواتهم في أرجاء العالم العربي، أذكر منهم رشاد رمضان، وحسن أبوالعلا، وعلي الرفاعي. وزادت زيارتي تلك شدة ولعي بها. ثم التقيت مصادفة في كلية بوليتينيك في وسط لندن بمنير عبيد - الذي كان يعد ويقدم برنامج السياسة بين السائل والمجيب، وبرامج أخرى، وكان أيضا يدرس اللغة العربية للأجانب في الكلية.

صوت "متهدج"

وسألني منير السؤال الذي تلهفت على سماعه سنوات: "هل تحب العمل في الإذاعة؟" ورتب لي زيارة لبوش هاوس، واختبارا للصوت في أحد الاستديوهات.

وكانت تلك هي أول مرة في حياتي أدخل فيها استديو إذاعة، وأجلس أمام مايكروفون. وأحسست ساعتها برهبة شديدة - إذ لم أكن وحدي في الاستديو - أدت إلى تهدج صوتي، وفشلت في الاختبار بعد أن رفض جميل عازر رئيس وحدة الأخبار قبولي. وأدرك منير السبب، ورتب لي زيارة أخرى ودخلت الاستديو للمرة الثانية وحدي مع مهندس الصوت، فشعرت براحة ومضت الأمور كما رغبت وقُبلت لأول مرة للعمل في بي بي سي، مشاركا في برنامج (السياسة بين السائل والمجيب)، وكان أول تسجيل شاركت فيه هو حلقة جمعت بين زيدان ياسين، وسلوى أبو السعود، وبيني في عام 1987.

وما زلت أذكر خلال تلك الفترة الأولى أن الإذاعة كانت تضم مذيعين ومترجمين، وكان الفصل بين كل منهم بينا. ولذلك سألني ذات مرة الدكتور محمود حسين - أحد المترجمين المجيدين آنذاك - سؤالا كاشفا فقال: أنتَ هنا "قراءة" أو "كتابة"؟ فقلت له في خجل: قراءة.