عيد صنعاء في ظل ابتزاز المواطنين واعتقالهم

متفرقات - Saturday 25 August 2018 الساعة 07:30 pm
فارس جميل ، نيوزيمن، خاص:

فجأة، هاجمت الأطقم المسلحة التابعة لحمود عباد شوارع وأسواق صنعاء، لرفع البسطات من أرصفة الشوارع بالقوة، حدث هذا تحديداً في ليلة عيد الأضحى، ذروة الحركة التجارية، لقد طلبوا منهم رفع بسطاتهم من الشوارع ليقوم عمال النظافة بتنظيفها، كمبرر لم يقنع أحداً.

دفع البائعون الصغار رسوماً مرتفعة لكل مسلح حوثي يأتي للمطالبة برسوم البلدية منهم، لكن التجار الكبار وأصحاب المحلات دفعوا أكثر منهم، ولهذا فالأطقم تنفذ رغبة هؤلاء التجار الذين يعتقدون أن وجود البسطات أمام محلاتهم يجذب الزبائن بعيداً عنهم فتقل مبيعاتهم، رغم أن الناس فقراء يبحثوا عن الأشياء الرخيصة لدينا، وللمحلات زبائنها المقتدرين، هكذا برر عمار، صاحب بسطة صغيرة للملابس الداخلية، تصرفات المسلحين.

قال عمار إنه لم يكمل تسديد ثمن البضاعة لتاجر الجملة، وأن ليلة العيد هي ذروة البيع التي كان يعول عليها لكسب بعض المال للسفر لزيارة أولاده في العدين، لكن المسلحين الحوثيين التابعين لحمود عباد المعين أميناً للعاصمة من قبل الجماعة، تسببوا في خسارته وعجزه عن رؤية أطفاله في القرية البعيدة.

بعض أصدقاء عمار، ومنهم صلاح، تم أخذهم إلى سجون مختلفة مكاتب البلدية في مديريات العاصمة المختلفة، قال صلاح إنه رفض رفع بسطته فقاموا ببعثرة بضاعته البسيطة من لعب الأطفال إلى الشارع واقتادوه إلى السجن، وهناك دفع ما تبقى معه من نقود للإفراج عنه.

محمد، وهو خريج جامعة عاطل عن العمل، اشترى عطورا شعبية رخيصة، لمساعدة والده على نفقات العيد، لكنه بالكاد استرد رأس المال، ولم يكسب غير تعب وغبار وأوساخ وهنجمة كما قال.

دفعنا لهم رسوما مقابل استخدامنا للأرصفة والشوارع، ويفترض أن تذهب هذه الرسوم لصيانة الشوارع التي ملأتها الحفر ومياه الأمطار مثلا، وإلا لماذا ندفع؟! تساءل محمد.

جميل مسعد الحلاق الذي بدوره يعتبر العيد موسما للعمل، ويعمل في صالون بإحدى الحارات بعيدا عن حملات مسلحي حمود عباد لم يسلم من الاعتقال. داهمه مجموعة من المسلحين وأخذوه على الطقم المنتظر خارج المحل، بتهمة القيام بحلق شعر الشباب بالطريقة الأمريكية، وعندما حاول إقناعهم بأنه لا يجبر أحدا على طريقة معينة في حلاقة شعره، وإنما يستجيب لرغبات كل زبون في الشكل الذي يريده لشعره، قالوا له:
تعال اقنع جهاد،،، وأخذوه إلى المشرف.

المبررات مختلفة، والأسلوب واحد، المهم طريقة ينهبوا بها عباد الله الشاقين على أسرهم وأطفالهم في ذروة العمل والحركة، بعضهم يقولون لهم بلدية، وبعضهم ضرائب، وبعضهم حلاقة أمريكي، وكلهم بعدين يدفعون ويفرجون عنهم، الدفع هو السبب الوحيد كما قال جميل.

صنعاء هذا العام مزدحمة على غير عادتها في عيد الأضحى من كل عام، فالحديدة مغلقة وهي وجهة أبناء صنعاء لقضاء الإجازة، لا حرروها من الحوثي، ولا طرحوها للناس يغيروا جو ويشوفوا البحر بالعيد، لكن والله أنه أحسن، قال سائق الباص، وهو يحمد الله ويشكره إنه اشتغل أكثر عيد لأن سكان صنعاء لم يسافروا لقضاء إجازة العيد، لو عاد كان البترول يرخص شوية، ويزيد ربك يشل عيال عبدالملك من عندنا إن احنا في نعمة، أضاف ضاحكا.

بكل سخرية ووقاحة، وبعيدا عن هموم الناس ومعاناة الفقراء في عيد صنعاء وسواها من مناطق سيطرة الحوثيين، احتفل مهدي المشاط ومحمد علي الحوثي بالذكرى الثانية لما وصفوه بـ(التبادل السلمي للسلطة)، وعندما سلم محمد علي الحوثي منصبه لصالح الصماد الحوثي الذي استلمه بعد مقتله مهدي المشاط الحوثي.

محمد علي الحوثي الذي سلم السلطة قبل عامين، واحتفل بالمناسبة، هو نفسه الذي عرض استعداد جماعته للإفراج عن كل أسرى الحرب من الشرعية مقابل إفراجها عن الأسرى الحوثيين، ولا أحد يدري بأي صفة تحدث.

أما عبدالملك الحوثي فقد دعا للنفير العام والتوجه إلى جبهات الساحل الغربي، ورفعت قيادات الجماعة شعار "عيدنا جبهاتنا"، وقد أصبح العيد الممزوج بالموت وضعا طبيعيا في عهد جماعته.