كُتب الرصيف.. مكتبات أدباء اليمن بيعت لشراء الخبز

متفرقات - Monday 03 September 2018 الساعة 07:18 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

دفعت الحرب في اليمن الكثير من الأدباء والمثقفين إلى بيع مكتباتهم الشخصية وكتبهم النادرة لمواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة.

في الأثناء تنامت ظاهرة بيع الكتب على الأرصفة في عدد من المدن اليمنية، ومنها العاصمة صنعاء، مع انحسار المد الثقافي، ونفور الجمهور عن القراءة الورقية، نتيجة المعاناة التي خلفتها مليشيا الحوثي.

وتنتشر أرصفة بيع الكتب في عدد من شوارع العاصمة، لكن أكبرها تلك التي اتخذت من ميدان التحرير معرضاً دائماً يرتاده جمع كثير من الناس، لما لهذا المكان من حضور شعبي وتجاري.

عناوين متعددة

ويقدم الكتاب في الرصيف عناوين متعددة وقيمة وبأسعار زهيدة في ظل إشكالية تدهور سوق الكتب في اليمن، خاصة بعد أن أغلقت مليشيا الحوثي ما يزيد على 50 مكتبة، وتحولت أغلبها إلى محلات قرطاسية أو محلات ومطاعم في العاصمة صنعاء وحدها.

وتتنوع عناوين الكتب ما بين الأدبي والعلمي والفكري والجنسي وكتب السحر والشعوذة، ويحتل رصيف الكتاب المدرسي حيزاً كبيراً في هذا الإطار، كما تتواجد الكثير من الكتب لكبار الكُتّاب وأجمل الروايات العالمية التي تم ترجمتها للعربية على هذه الأرصفة.

أدباء يبيعون مكتباتهم لشراء الخبز

يتحدث لـ"نيوزيمن"، مهيوب غانم، أحد بائعي الكتب على الأرصفة قائلا، إنهم يحصلون على الكتب إما عبر شرائها من الأشخاص الذين يبيعون مكتباتهم المنزلية ومنهم أدباء وصحفيون وأساتذة جامعيون أو من المكتبات التجارية أو الخاصة والتي أغلقت أبوابها وخاصة في الطبعات غير القانونية للعناوين المرغوبة.

ويضيف أنهم يحصلون أيضاً على الكتب عن طريق أناس مجهولين يأتون بكميات منها إلى الأرصفة، وهي كتب إما أن تكون جديدة أو مستعملة وسقطت منها بعض الصفحات التي تحدد الجهة المالكة لها.

ولا يستبعد "غانم" أن تكون هذه الكتب مسروقة من مكتبات أو مخازن عامة، ولذلك لايتم سؤالهم عن مصدرها.

ويروي أن الأزمة التي يعاني منها الأدباء في البلاد وكيف أودت المليشيا الحوثية بالمكتبات وكتبها النادرة إلى أرصفة شوارع صنعاء.

بدوره يقول الناشط الحقوقي غمدان السيلي لـ"نيوزيمن"، إن أديبا شهيرا، يتحفظ عن ذكر اسمه، باع مكتبته التي جمعها لأكثر من 30 عاماً بمبلغ زهيد بعد أن هدد بالطرد من منزله المستأجر في العاصمة صنعاء.

واعتبرت الأديبة والقاصة الشابة نادية علي أن الأدباء هم أول ضحايا الأزمة لأنه في هكذا ظروف يكون الهم هو البحث عن الأمن والطعام.

وأضافت في حديثها لـ"نيوزيمن"، أن الكثير من الأدباء ومثقفي اليمن ونتيجة للظروف الصعبة التي يعيشونها جراء الحرب اضطروا معها إلى بيع ممتلكاتهم الشخصية وفي مقدمتها مكتباتهم التي تعد بالنسبة لهم ثروة تم جمعها عبر سنوات طويلة.

الخبز بدل الكتاب

بأسعار زهيدة لجمهور يتضاءل يوماً بعد يوم تباع تلك الكتب في ظل عزوف المواطنين عن القراءة لأجل توفير الاحتياجات الأساسية في مقدمتها الغذاء، حسب "مهيوب غانم" صاحب مكتبة رصيف.

ووفقًا لـ"غانم" فإن أعداد الزبائن في تناقص مستمر فيما يكتفي المرتادون بالتصفح والمطالعة في ظل وضع معيشي صعب يبحث فيه الناس عن قوت يومهم ولم يعد بمقدورهم التفكير بشراء كتاب.

وأضاف أنه يتلقى عروضا كثيرة من عشرات الأشخاص لشراء مقتنياتهم من الكتب، مبينًا أن أحدهم طلب بيع كتبه كي يتمكن بثمنها من شراء الخبز لأطفاله.

ومنذ ما يزيد على عقد من الزمن على ظهور كتب الرصيف، فإن هذا النوع من النشاط الثقافي يصر على الصمود في العديد من شوارع صنعاء ويقدم تجار الأرصفة حلا مقبولا لذوي الدخل المحدود، حيث يعرضون كتبا قيمة ورخيصة في الوقت ذاته.

ويأتي هذا الإصرار على البقاء، وسط إيقاع حياتي متسارع يزيد النفور من الثقافة ومفرداتها يوماً بعد آخر.