اليمنيون والأزمات المركبة.. من تدهور العملة وغلاء الأسعار إلى أزمة المشتقات النفطية

متفرقات - Wednesday 12 September 2018 الساعة 04:35 pm
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

بات المواطن اليمني، يئن ويشكو من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، إضافة إلى المعاناة الأساسية التي رافقتهم منذ سيطرة جماعة الحوثي على السلطة في صنعاء، وفتحها رصيداً لا متناهي من الدم والخراب.

فما بين حرب، فقر، توقف مرتبات، حرمان وتشرد ونزوح، موت جوعاً أو بأوبئة... تزداد معاناة المواطن اليمني دون أن يشعر به الساسة المتصارعون والجماعة المتطرفة التي لا تجيد سوى التشدق بـ"حب" الشعب، فعلى مدى سنوات الحرب الحوثية تعاظمت معاناة المواطن، ولم يعد الكثير منهم يستطيعون العيش بشكل ميسر أو في الحدود الدنيا، في ظل نهب مرتباتهم من قبل جماعة الحوثي واستمرار حكومة هادي في المقايضة بالراتب رغم علمها بأن ذلك جريمة إضافية بحق الشعب، ناهيك عن تلك الشرائح التي تعيش تحت خط الفقر.

وتشتعل الأسعار في اليمن خلال هذه الأيام، مع كل ارتفاع لسعر الدولار، ولا تنخفض بانخفاضه، والفرق كالمعتاد يدفعه المواطن البسيط المغلوب على أمره، إذ يطحنه الغلاء وجشع التجار، وعدم وجود تحرك حكومي جاد سواءً من حكومة "صنعاء" أو حكومة "عدن"، ولم تستطع أي حكومة منهم كبح جماح الأسعار أو توقف جشع التجار والموزعين والمستوردين والمحتكرين.

غلاء.. وكل يوم تسعيرة

يقول سلطان حسن -موظف حكومي- أصبحنا نتابع أسعار الصرف كل وقت، رغم أننا معدمون، ولكن متابعتنا آتية من باب العلم بالشيء، بحيث إن أسعار السلع ترتفع في اليوم الواحد مرة أو مرتين. ويضيف: "تجارنا لا ذمة ولا ضمير فيهم، يشترون المواد من الخارج بسعر رخيص وعاد الدولار أقل من 450 واليوم يبيعون لنا بثلاثة أضعاف".

ويتساءل سلطان: "الزبادي الكبير ب 230 ريالا وهذه أرخص الأغذية التي يستخدمها اليمنيون، منطقياً الذي لديه أسرة كبيرة كم علبة زبادي يحتاج في الوجبة الواحدة؟!! ونحن بدون رواتب لنا عامين، أنصار الله يقولوا العدوان، وهادي يقول أنصار الله، وضعنا وضيعونا.. الله ينتقم منهم".

من جانبه يقول أمين أحمد -تربوي- يمر الموظفون بوضع لم يمروا به من قبل، حتى إنهم لا يستطيعون شراء حاجات المنزل.. في وقت يصل الارتفاع إلى 40% في أسعار السلع، وكل يوم تسعيرة جديدة. ويواصل حديثه لـ"نيوزيمن": الآن أنا عائد من عند أحد التجار "كيس الدقيق" بـ 13000 ريال، يا ترى من يستطيع شراءه بهذا السعر وفي ظل هذا الوضع المزري الذي نعيشه.

ويواصل قائلا: "من المضحك أن حكومة الحوثي بدلاً من إيجاد معالجة وتأديب للتجار الجشعين قاموا بتسعيرة الكيلو الرغيف ب"300 ريال"، يعني الذي عنده أسرة مكونة من أشخاص يريد على الأقل "3 كيلو" في اليوم، من أين بالله؟!!! هم بالمفتوح بيقولوا للشعب يكفيك يا شعب وجبة واحدة، كل تاجر يسعر من رأسه، وموقف الجهات المسئولة لا يتعدى عتبة التصريحات الإعلامية، فالرقابة غير متواجدة وإن وجدت في بعض المناطق فهي لا تقوم بواجبها لأنهم يتحصلون على العائد من التاجر مقابل السكوت.

أزمة مشتقات وواقع يخالف تسعيرة الحوثي الرسمية

عادت طوابير الانتظار للحصول على مادة "غاز الطهو" للظهور بشكل أكثر مما كانت عليه، رغم أن أزمة غاز الطهو هي إحدى الأزمات المركبة التي يعانيها الشعب اليمني بسبب اعتماد "باصات" الأجرة عليه في ظل إغلاق المحطات المخصصة لتعبئة السيارات أو قلة الكميات التي تقوم شركة النفط بإنزالها.

يقول محمد حسين -سائق باص- لمراسل "نيوز يمن": لم يعد لدينا مصدر رزق سوى الباص هذا، أنا لدي أسرة مكونة من 8 أشخاص، أنا موظف في وزارة الكهرباء ولنا سنتين وأكثر ما استلمنا رواتب، والآن تشوف بعينك الطوابير لكي نحصل على دبة او دبتين غاز حتى نتمكن من العمل وإعالة أسرنا.. وعندما سأله المراسل لماذا يعتمد على غاز تم تخصيصه للمنازل ويتسبب هو وأمثاله في هذه الأزمة، أجاب: "قالت شركة النفط إنهم بيخصصوا 45 محطة للسيارات وفي الحقيقة خصصوا حدود عشرين محطة، نضطر أن ننتظم في طوابير يوم أو يومين حتى نتمكن من التعبئة، إضافة أن الكمية التي يقومون بضخها قليلة".

أما مصطفى محمد، فيرمي باللائمة كلياً على جماعة الحوثي، ويقول هم يريدون "حلب" جيوب المواطنين تماماً، وهذه طريقتهم في النصب على الشعب وتجويعه.. البترول ب9000، والغاز طوابير لأنهم يريدون يوصلوه 5000 ريال. وأشار مصطفى إلى أن شركات النفط والغاز وموزيعها تابعين لأنصار الله، وهم وراء التلاعب سواءً بالعملة أو خلق أزمات المشتقات.

إن ما يعيشه اليمنيون هو أبهى صور المأساة، مأساة وواقع مرير، في ظل الحرب الدائرة رحاها في البلد مذ أكثر من أربعة أعوام، لكن الوضع يبدو أكثر قساوة في ظل تعدد الأزمات وتدهور العملة الوطنية والغلاء الفاحش الذي طال كل السلع، كل ذلك قذف بملايين اليمنيين إلى دائرة الجوع والمرض، ولا حلول تلوح في الأفق عن قرب انتهاء هذه المأساة أو التوصل لتوافقات حول صرف الرواتب للموظفين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي.

ويبدو أن كل المعاناة التي يعانيها اليمنيون تعتبر ورقة ضغط لكل طرف من الأطراف المتصارعة ضد الطرف الثاني، ومتاجرة رخيصة بآلام الشعب دون العمل على معالجتها وإيقافها.