الحوثيون يشدّدون قبضتهم على البنوك التجارية والإفلاس مصيرها الحتمي

إقتصاد - Monday 28 January 2019 الساعة 09:29 am
نيوزيمن، تحليل/ صادق الحكيم:

تُحكم ميليشيا الحوثي المسلحة، الذراع الإيرانية في اليمن، قبضتها على قطاع البنوك التجارية في البلاد، بعدما عطلت أدواته وأذرعه التي يتحرك من خلالها لممارسة أنشطته المصرفية، وأصبح معها غير قادر على الوفاء بالتزاماته والقيام بوظائفه الأساسية.

خلال السنوات الأربع الماضية، أجهزت ميليشيا الحوثي، على أموال البنوك التجارية البالغة تريليونين و150 مليار ريال لتمويل أنشطتها الحربية، وتأسيس مداميك دولتها الطائفية.. أخذت منها تريليوناً و264 مليار ريال ديون "أذون وسندات حكومية"، ما نسبته 59% من إجمالي قيمة ودائع العملاء في البنوك التجارية نهاية 2015.

كما تصرفت ميليشيا الحوثي، بالاحتياطي القانوني للبنوك التجارية، الموجود في البنك المركزي، للفترة ذاتها، والبالغ 354 مليار ريال، ويمثل 17 في المائة، من إجمالي الودائع في البنوك التجارية.

البنوك التجارية تعجز اليوم عن تسييل أذون الخزانة وتحصيل الفوائد نقداً، فالحوثيون انتهجوا استبدال قيمة أذون الخزانة وفوائدها، التي وصل موعد استحقاقها بإصدار أذون خزنة جديدة، بدلاً من دفعها نقداً.

وبات القطاع المصرفي الذي يتخذ من العاصمة صنعاء، الخاضعة لسلطة ميليشيا الحوثي مقراً رئيسياً له، مكبلاً بالكثير من القيود والتحديات، إذ تمنعه الميليشيا من ممارسة أنشطته المصرفية والخدمية، وفتح الاعتمادات في البنك المركزي بعدن، واستخدام أرصدته في البنك المركزي بصنعاء، في الوقت الذي تحجم عن سداد ما عليها له من ديون، والتي تعتبر كاملة السيولة وفقاً للقانون.

وتشير المعطيات المالية أن البنوك التجارية لا تستطيع التحكم في إدارة 76 في المائة من إجمالي قيمة ودائع العملاء في البنوك التجارية، لدى البنك المركزي بصنعاء، لتتجاوز نسبتها 80 مطلع 2019.

ولموجهة التحديات التي أفرزتها ممارسة الحوثي، وألقت بضلالها على قدرات القطاع المالي، اتخذت البنوك العديد من القرارات أدت لتدني خدماتها المصرفية للعملاء، وعدم السماح لهم بسحب ما يكفيهم من أموال، حتى وصل الحال بالبنوك التجارية إلى شبه إيقاف السحب للمودعين لما قبل 2016، والتعامل مع العملاء الذين يودعون أموالهم نقداً عن الذين يودعون بشيكات.

إن منع البنك المركزي في صنعاء للبنوك التجارية فتح اعتمادات مستندية عبر البنك المركزي في عدن، سيرفع طلب سحب أموال المودعين في البنوك التجارية للبحث عن ملاذات آمنة لأموالهم خارج القطاع المصرفي، كما سيدفع كبار التجار لإنشاء بنوك تجارية جديدة يكون مركزها الرئيس في عدن.

انقسام السلطة النقدية بين صنعاء وعدن، وأزمة السيولة النقدية بالعملة المحلية والأجنبية، وانهيار الثقة مع النظام المالي الدولي، وأزمة الثقة داخل النظام المصرفي اليمني بين البنوك والبنك المركزي، وبين المودعين والبنوك، فضلاً عن القيود على نقل العملة داخلياً وخارجياً، مجملها شكلت قيوداً كبلت القطاع المصرفي اليمني وعجلت بإخراجه عن الجاهزية.

شهد القطاع المصرفي تدهوراً دراماتيكياً خلال السنوات الأربع الماضية ويزداد تدهوراً مع إطالة أمد الصراع، وفى قراءة واقعية وتحليل مالي مهني، لما تضمنه محضر اجتماع مجلس إدارة البنوك التجارية رقم 1 لسنة 2019، الذي عُقد في السادس من شهر يناير الجاري، بمقر الجمعية بصنعاء، يخلص إلى نتيجة واحدة، أن الحوثيين ماضون بالبنوك التجارية إلى الافلاس لا محالة.

الحوثيون مستمرون بتعنتهم في عدم نقل كامل أعمال وصلاحيات البنك المركزي إلى عدن ونقل جميع حسابات مؤسسات أجهزة الدولة وعلى رأسها حسابات مصلحة الضرائب والجمارك والواجبات والاعتمادات المركزية.

يقف وراء إصرار ومنع الحوثيين لعمل البنك المركزي في عدن هو "جباية إيرادات الدولة الرئيسية وتوريدها إلى الحسابات الفرعية والرئيسية في البنك المركزي وفروعه للجهات الأربع: الضرائب والجمارك والواجبات والاعتمادات المركزية، ونهبها وسرقتها بالطريقة التي ينتهجها على مدى الأعوام السابقة".

يواصل الحوثيون ممارستهم العبثية بحق الوطن والمواطن دون أي خوف أو شعور بالمسؤولية والنتائج الكارثية التي ستودي إلى إفلاس البنوك التجارية بعدما أفلسوا البنك المركزي من الاحتياطي الأجنبي وأموال عملاء البنك المركزي في صنعاء.