يكنسون الشوارع فمن يكنس الحزن عن قلوبهم !!

المخا تهامة - Wednesday 30 January 2019 الساعة 07:36 am
عدن، نيوزيمن، جسار نشوان:

يخيّم الليل 
ويغلق أصحاب المحلات محلاتهم..
ويأوي الناس إلى بيوتهم.. فيخرج هو وزملاؤه حاملين مكانسهم، لينظفوا تلك الشوارع الخالية.. التي عاثت بها الأوساخ والقاذورات طوال اليوم، لتكون في الصباح أكثر جمالاً بنظافتها.

(أبو عبده) كما يُحب أن ينادى عامل النظافة في مدينة عدن.. هذا الرجل الثلاثيني المبتسم أمامي.. والذي تخفي ابتسامته الكثير الكثير من الأوجاع والآلام التي يقاسيها بسبب عمله المرهق..
ويقاسيها أيضاً بسبب هذا (الوعي الجمعي الكارثي) الذي لا يُقدّر للنظافة أي دور في تشكيل صورة جميلة لهذه المدينة الجميلة..

بدأ (أبو عبده) بالحديث عن أوجاع مفاصله وركبه وقال ويظهر على صوته أثر الألم والوجع: (أنا طول الليل اجلس اكرف كرف لمن احس مفاصلي بيفتكوا، ومقهرش الا لمن يجي حد يرمي القمامة من شباك البيت للشارع، احس بهذي اللحظة كأننا ما سويتش حاجة وفي بعض الاحيان اقوم بتنظيف الشارع المخصص لي بعد منتصف الليل واتفاجأ بردة فعل بعض اصحاب المحلات بعد لحظات من قيامي بدوري الكامل في تصفية الشارع وهو ان يقوموا بعد انتهاء عملهم بالمحلات بتنظيفها واخراج النفايات للشارع مرة ثانية بعد ان قمت بتنظيف ذلك الشارع بتعب وجهد كبير مما يسبب لي اليأس والاحباط وكأنك يا بو زيد ما غزيت)..

تمتلئ بعض البيوت والمحلات بأناس ليس لديهم ادنى فكرة عن النظافة في المدينة، ولا يعون حجم دورهم في تحسين صورة هذه المدينة، بل يزيدون في تكريس ثقافة القذارة وعدم المبالاة وعدم الاحساس بالمسؤولية الاخلاقية التي تحتّم عليهم الاهتمام بنظافة الشارع كما الاهتمام بنظافة البيت والمحل..

يعود ابو عبده ليشرح لي عن بعض الناس العنصريين الذين لا تخرج من افواههم غير الكلمات القذرة المقيتة، الكلمات المؤذية، الكلمات البشعة، وقال: (مصيبة لمن حد يرمي الاوساخ بالشارع، بس المصيبة الاكبر لمن حد يرمي الاوساخ على عامل النظافة) وكان يقصد بعض الالفاظ التي يقولها بعض الناس..

يكنسون الشوارع فمن يكنس الحزن عن قلوبهم.. هؤلاء العمال، الذين يُجهدون أنفسهم لترتاح هذه المدينة، أما آن للناس ان يحترموهم ويعرفوا ان عملهم هو من اكثر الاعمال قيمة، وهو يسهم اسهاماً حثيثاً بإضفاء صورة جميلة للمدينة التي يعيشون بها، ويسهم ايضاً في صحة الناس صغاراً كانوا او كباراً، اما آن للناس ان يكرموهم ويبتسموا في وجوههم ويشكروهم على جهودهم الفائقة التي تُعنى بتنظيف الحارات والشوارع الرئيسية والفرعية في المدينة.

أبو عبده هو لسان حال الكثيرين من عمال نظافة عدن الذين يتعبون في اللحظات التي ينام فيها الكثير، ويبذلون المزيد من العرق لكنس وتنظيف ومسح القاذورات من شوارع المدينة، فمن يمسح القليل من الاحزان عنهم بالمساهمة في عدم رمي مخلفات القمامة في الشوارع وعدم رمي الاوساخ الا في اماكنها المخصصة لذلك..

عدن مدينة جميلة لكنها تحتاج الى زرع الوعي في الكثير من ابنائها.. ابو عبده وغيره الكثير، ممن يساهمون في نظافة الشوارع والحواري والطرقات يحتاجون منَّا الشكر الكثير والتقدير الاكثر..
فذلك ينجح في تعزيز روحهم في محبة هذه المدينة !!