دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(10): صالح محمد عباس فتوح

المخا تهامة - Tuesday 01 October 2019 الساعة 10:07 pm
نيوزيمن، كتب/ أ.د عبدالودود مقشر:

انضم صالح محمد عباس إلى حركة المعارضة اليمنية مبكراً بتأثير من مدرسيه واستنارة والده، وتعلمه بعدن وما رآه بعدن من مآسٍ لليمنيين، ثم انضم رسمياً لحركة المعارضة اليمنية، وعند عودته اختير ضمن مجموعة مكونة من خمسة أشخاص من تهامة للسفر إلى العراق للدراسة وصعد صنعاء والتقى بصديقه أحمد حسن المروني الذي كان يعرفه سابقاً وينزل المروني ببيته في الحديدة، ولكن البعثة أفشلها ولي العهد أحمد نكاية في أخيه سيف الإسلام عبدالله، فعاد صالح عباس وقد ازداد ثورية على يد الحورش والعنسي والمروني والسلال وغيرهم، وحمل معه مجموعة من المنشورات، ثم برز اسمه في أحداث حركة 1948م كناشط سياسي، واعتقل على إثرها ضمن حملات الاعتقالات التي شنتها السلطات الإمامية، ومن ثم أفرج عنه، فاتجه إلى دعم السجناء بحجة وخاصة صديقه المروني، وأمدهم بما يحتاجون إليه بواسطة عبدالله مقبول الصيقل والشيخ سيف عبدالرحمن العريقي، كما ذكر أحمد حسن المروني في مذكراته (الخروج من النفق المظلم).

> دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(9): أحمد محمد هاجي

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر (8): عبدالرحمن جابر الزرنوقي

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر (7): الشهيد العلامة عبد القادر الأهدل

 اتجه الأستاذ صالح محمد لعدن، وفي "عدن التقى عدداً من الشعراء وفي طليعتهم الشاعر الكبير لطفي جعفر أمان الذي حمل راية التجديد وكان واحداً من رواد القصيدة الحديثة في الوطن اليمني، ولم يمض سوى وقت قصير حتى كان صالح عباس قد صار رفيقاً مُلازماً للشاعر الكبير الذي أفاد الكثير من رفقته ومن مكتبته وبدأ في نشر محاولاته الأولى مقاطع وقصائد متأثراً بصديقه لطفي وبالشاعر نزار قباني وغيرهما من شعراء الرومانتيكية المبكرة في الوطن العربي" كما ذكر الدكتور عبدالعزيز في رثائه.

واستفاد من زياراته المتكررة لعدن بغرض التجارة وربط حركة المعارضة اليمنية الداخلية بالخارجية خاصة بأستاذه علي عبدالعزيز نصر، ورجع إلى الحديدة وعمل على تفعيل التوعية الجماهيرية والدعاية الإعلامية وكتابة المنشورات، وكتب قصائد تندد بالوضع وتستجدي من الإمام الإصلاحات وفتح البلاد للعلم، قال عنه صديقه الأصبحي بمذكراته: "وهو شاعر مبدع بيد أنه أضاع ديوان شعره الذي نهب مع أثاث بيته مع حركة عام 1374هـ / 1955م هذه الحادثة سببت له صدمة نفسيه فلم يقل بعدها الشعر إلا نادراً... لقد عمل للثورة بصمت وشهد بشاعريته الأديب الأستاذ القاضي أحمد محمد الحضراني"، وإن ذكر الكاتب والأديب أبو القصب الشلال قصة مغايرة لما سبق عن فقدان بواكيره الشعرية فقال: "اقتربت منه مرة ونحن في مجلس المهدي وسألته عن ديوانه بعد أن تحدث طويلاً عن صديقه الشاعر لطفي جعفر أمان، وسألته أين ديوانك يا أستاذ صالح؟ فقال هذه قصة مؤلمه. ثم روى ما يلي: لقد كنت قبل الثورة أعمل في المفوضية اليمنية بجدة وأرسلت إلى والدي أن يبعث لي بمجموعة قصائدي التي كنت قد جمعتها وحضرتها للطبع، وفعلاً أرسلها بواسطة مسافر إلى جدة وحدث ما لم أتوقعه، فقد تعرضت الباخرة لزوبعة بحرية وتعرضت حمولتها للغرق ومنها ديواني وهو يضم أفضل ما كتبت في فترة المراهقة والشباب"، وقد حصل الكاتب على مجموعة من مقالاته النقدية والشعرية منشورة في جريدة النصر الصادرة بتعز أثناء عمله بالخارجية اليمنية، كما وجد المؤلف مقطوعة شعرية بعنوان "الذكرى في الحديدة" من بواكير شعره أرسلها لمجلة الذكرى حيا فيها الجمعية الخيرية الإسلامية بعدن ورئيسها القاضي والمفتي محمد بن داود البطاح الأهدل مفتي عدن (مجلة الذكرى، السنة الأولى، 9 صفر 1368هـ / 10 ديسمبر 1948م.).

كما وجد الكاتب قصيدة شعرية طويلة بعنوان "ولاء الشعب التهامي" وكان آنذاك يشغل مساعد مدير مكتب الأمم المتحدة بوزارة الخارجية، نشرت بجريدة القلم العدني، السنة الثالثة، العدد 122، يوم الأربعاء 12 جمادى الآخرة 1375هـ / 25 يناير 1956م.

ولما قامت الثورة كان من شبابها الذين لعبوا أدواراً مهمة من أجل هذه الثورة والجمهورية وخاصة في الجانب الإداري والإعلامي.

ملخص لترجمة حياته:

صالح محمد عباس فتوح، ولد في مدينة الحديدة سنة 1347هـ/1928م، كان والده من أسرة شهيرة من بيت الفقيه عرفت بالثراء والعلم والإدارة، وقد انسحب من مدينته بيت الفقيه عقب الحرب بين الإمام يحيى وقائد جيوشه ولده أحمد والمقاومة التهامية، واستقر بالحديدة، ولكونه ممن نال العلم فهو خريج مكاتب الرشدية العثمانية، فقد عمل مع البدر محمد بن الإمام يحيى أمير تهامة، وتدرج في وظائف متعددة آخرها مراقب جمرك، درس صالح في المدرسة السيفية، وواصل دراسته العلمية لدى علماء الحديدة ومنهم خطيب جامع إسحاق الفقيه أحمد محمد مكرم في علوم اللغة العربية ثم درس لدى الفقيه عبدالله عاموه وولده القاضي الشهيد محمد عبدالله عاموه، وجلس فترة عند أسرته في بيت الفقيه طالباً للعلم، وأراد الوالد لولده المعرفة الحقة والتعليم الجيد فأرسل ولده كما أرسلت بعض العائلات من تهامة أولادها إلى عدن للدراسة في المدارس الحديثة، فانطلق ومعه طاهر رجب وعبدالله رجب ومحمد أحمد الجنيد للدراسة بعدن، وكان بعكس مجموعته تلك، فالتقى هناك بمجموعة من الأدباء والشعراء ومنهم أستاذه وصديقه لطفي جعفر أمان ومحمد عبده غانم ومحمد سعيد جراده ومحمد علي لقمان، وحضر منتدياتهم الأدبية ومنها منتدى مخيم أبي الطيب المتنبي ونادي الأدب العربي.. وعمل خلال ذلك في التجارة، ثم عاد إلى تهامة، وافتتح محلاً تجارياً "دكان" بسوق الحديدة – سوق الداخل - وأراد أن يبتعد عن الأدب والأدباء إلا أن متجره سرعان ما تحول إلى ملتقى أدبي ومنتدى لكل الأدباء، بل وأصدر مجلة أدبية خطية أسبوعية سماها "منبر الأدباء"..

وعند حدوث حركة 1948م ظل يساعد المعتقلين مع صديقه الصيقل ويجمع المساعدات يرسل بمساعداته وغادر إلى عدن فترة من الزمن، ثم عاد في منتصف الخمسينيات وعمل في وزارة الخارجية فترة من الزمن وعين في المفوضية اليمانية بجدة، ثم تولى إدارة مدرسة السيفية بالحديدة، ثم انتقل لصنعاء ليعمل في وزارة المعارف، وبعد الثورة عُين أميناً عاماً لمجلس الوزراء، حتى وفاته بصنعاء يوم الاثنين 28 ذو الحجة 1427هـ / 18 ديسمبر 2006م.