شباب المخا يتطلعون لإنتاج أفلام درامية
المخا تهامة - Tuesday 17 December 2019 الساعة 07:35 amفي 2016 عندما كان الشبان الثلاثة "حسام وحمادة وناصر" يزاولون هوايتهم المفضلة بالتمثيل في مديرية الجراحي، كان أكثر ما يزعجهم هو انتقاد المجتمع وسخريته منهم إلى حد أن بعض الشباب رأوا أن التمثيل في مناطق تغوص في فوضى الحرب يبدو ضربا من الجنون.
لكن عزيمة الشباب المتقدة وهوايتهم المفضلة في التمثيل أيقظت لديهم روح العزيمة من جديد أثناء عودتهم إلى المخا بعد أشهر على تحريرها، وظلوا لثلاثة أشهر يدرسون طبيعة الفيلم الذي يعتزمون إنتاجه.
اختير اسم الفيلم "الإهمال والسرقة" وتدور أحداثه حول أب يجبر ابنه على السرقة لكي يلبي طلباته، يمرض الأب ليذهب الابن مثل عادته للسرقة ليستهدف شخصا يحمل عقد ذهب قاصدا بيعه من أجل إصلاح سيارته، لكن الرجل يكتشف أمر السارق فيوسعه ضربا، بعدها يعترف له اللص أنه حاول سرقته من أجل شراء الأدوية لوالده المريض فيرق له قلبه ليبيع الذهب ويشتري للأب المريض العلاج.
عند عودة الولد إلى المنزل يلاحظ والده آثار الدم على قميصه ليحكي الولد ما حدث له من عقاب، فيتألم الأب ويعود إلى صوابه، يعتذر الأب من ابنه على التربية السيئة ويقرر منعه من العودة إلى السرقة مرة أخرى.
واجه الشبان الثلاثة أثناء تصوير الفيلم معضلة كبيرة، وهي أن زملاءهم رفضوا القيام بدور الكومبارس على اعتبار أن ما يقومون به هو جنون من نوع آخر، لكن الشباب الثلاثة يدينون بالفضل إلى شقيق حمادة "فيصل" الذي وافق على لعب دور الأب، ليقوموا ببدء تصوير أولى مشاهده باستخدام تقنيات متواضعة جدا وهي كاميرا هاتف محمول كما تم منتجته عبر الهاتف أيضا.
كانت فترة الفيلم قصيرة جدا، إذ إنها لا تتعدى 40 دقيقة، لكن الملفت هو أن أماكن تصوير المشاهد اختيرت بدقة، وركزت على اختيار أماكن جميلة، وهي دلالة على الحس الفني الذي يتميز به الشباب رغم أنهم لم يدرسوا المونتاج ولا التمثيل أيضا.
نجاحهم في إنتاج الفيلم شجعهم على الاستعداد لإنتاج فيلم آخر واختاروا اسم الفيلم "جحيم الانتقام" ليتقدم لهم بطلب المشاركة في التمثيل من كانوا يسخرون منهم بالأمس.
تدور أحداث جحيم الفيلم الذي يستمر لأكثر من ساعة وخمسين دقيقة حول شخصين أحدهما متهم بقتل الآخر قبل 15 عاما ليشب أبناؤهما دون علمهم بشيء، ويكونوا علاقة صداقة قوية، لكن ابن القتيل يكتشف أن الشخص المتهم بالجريمة هو والد صديقه، لكنه لا يجرؤ على إخبار صديقه بذلك، وبعد فترة يتضح أن والد صديقه ضحية، لأن من ارتكب جريمة القتل هي عصابة تمتهن الأعمال الإجرامية فيقرر الانتقام من أفرادها بطريقة درامية ذات حبكة بوليسية رائعة.
شكلت الظروف المالية وضعا قاسيا ومحبطا للشباب الذين أجبروا على التوقف فترة طويلة قبل أن يستعيدوا نشاطهم في إنتاج الفيلم متجاوزين الوضع المالي البسيط لإنتاجه.
حاليا يستعد الشباب لإنتاج فيلم عن الطبقية في المجتمع اليمني ووضع المهمشين وما يلاقونه من تمييز في المجتمع بسبب العرق واللون كقصة تحكي واقعهم، واختاروا طريقة رائعة لتوجيه النقد للمجتمع، يتمثل في شرح حياتهم، وكيف انهم عجزوا عن توفير أدنى متطلبات التمثيل لأنهم ببساطة مهمشون، وهو صرخة رفض مجتمعية، لكن بشكل فني خالٍ من التجريح.
واجهت الشباب متاعب جمة لم تتوقف عند الأموال الضرورية لشراء الكرومات وكاميرات التصوير وجهاز المونتاج، وإنما أيضا في تنزيل برامج الإخراج، إذ اتضح أن صيغتها لا تتناسب مع الهواتف القديمة التي يمتلكونها.
كما امتدت إلى إدارة أمن المخا، حيث تم استدعاؤهم ليستمع منهم مدير الأمن العقيد منير المحرمي بعدما وصلته عدة أخبار مغلوطة، وعندما شاهد الأفلام المنتجة أثنى عليهم ودعاهم إلى الاستمرار فيما يقومون به، كما منحهم حرية التصوير في أي مكان بالمخا وهو موقف يشكرونه عليه.
يتمنى الشباب الثلاثة أن يجدوا من يقف بجانبهم ويساعدهم على تحقيق أمنياتهم في إنتاج مزيد من الأفلام بصيغ وطرق أكثر رقيا ودقة.