أسيرة تهامية محرَّرة من سجون مليشيات الحوثي تروي مأساتها
المخا تهامة - Monday 23 December 2019 الساعة 06:27 pmفي الثاني والعشرين من نوفمبر 2018، تفاجأت ذكرى سعيد عبدالله، بقوة أمنية تابعة لمليشيات الحوثي وهي تحيط بها من كل جانب، وتدعوها للاستسلام والصعود على متن طقم عسكري أو واجهت الموت أثناء ما كانت تتواجد في أحد شوارع مدينة الحديدة.
كان المشهد مخيفاً لامرأة لم يسبق لها أن تعرضت لموقف مماثل، كما لم تكن قادرة على استيعاب ما يحدث ولم يكن بمقدورها حينها فعل شيء سوى الرضوخ والاستسلام لمطالبهم دون مقاومة.
اقتيدت إلى إحدى الزنازين الانفرادية بالسجن المركزي بالحديدة، وظلت لثلاثة أيام محتجزة في مساحة ضيقة دون السماح لها باستخدام دورة المياه أو الاتصال بأسرتها.
كان الهدف من ذلك، هو إرغامها على الاعتراف بالتهمة المنسوبة إليها "مساندة العدوان"، وهي تهمة عادة ما تستخدمها المليشيات لابتزاز الضحايا.
حاولت المعلمة البالغة من العمر نحو أربعين عاما والموظفة في منظمة (بنات الحديدة) دفع التهم عنها، وظلت طوال فترات التحقيق التي امتدت لساعات طويلة تدفع ببراءتها، مطالبة المحققين بدليل مادي يثبت صحة ادعاءاتهم.
كما كانت تطالبهم بتفتيش هاتفها والتحقق من مدى وجود أشخاص على تواصل معهم، لكن ذلك لم يشفع لها، إذ اتهمها محققو مليشيات الحوثي بالداعشية والإرهابية التي تستحق القتل.
الأشد رعباً من ذلك بالنسبة لتك المرأة التهامية والتي يعود مسقط رأسها إلى مديرية الخوخة، هو أن مسلحي المليشيات كانوا يصوبون البنادق نحو رأسها، فيما كان المحقق يأمرها بالاعتراف أو واجهت القتل وأنهم سينقلونها إلى صنعاء ليتم قتلها هناك بعيدا عن أهلها، وهي لحظات كانت تصيبها بالإغماء من هول الرعب الذي كانت تشعر به.
تصف ذكرى محنتها بالمأساوية، وتتحدث لنيوزيمن، وهي تغالب بكاءها، كيف قضت أياما مأساوية في زنزانتها الانفرادية، وكيف أصيبت بانهيار عصبي حرمها من النوم طوال الأسبوعين الأولين من فترة اعتقالها إلى حد أنها شعرت بلحظة الاقتراب من الموت.
تضيف إنهم أخفوا عن أهلها أمر اعتقالها، كما منع عنها الزيارات والأدوية التي تحتاجها للتعافي من الصدمة النفسية التي تعرضت لها أثناء احتجازها.
قالت، إن شقيقها الذي سبق واعتقلته مليشيات الحوثي، أصيب بصدمة نفسية قوية عندما علم بأمر احتجازها، ولم يتمكن من تحمل ذلك ليصاب بنوبة قلبية أدت إلى وفاته.
قضت ذكرى ثلاثة أشهر في زنازين مليشيات الحوثي وخرجت في صفقة تبادل عندما تبنى قضيتها رئيس البعثة الأممية في الحديدة مايكل لوليسجارد ومبادرة قائد الألوية التهامية العميد أحمد الكوكباني بمبادلتها بقيادي حوثي معتقل لدى القوات المشتركة.
قالت ذكرى إن مليشيات الحوثي كتمت عنها خبر إطلاق سراحها، بل إنها مارست عليها خلال الساعات التي سبقت خروجها من المعتقل ضغوطا نفسية بأنهم سينقلونها مع بعض المحتجزين إلى صنعاء ولم تشعر بالخلاص من محنتها إلا عندما وصلت إلى ظهر السفينة الأممية في عرض البحر.
تصف لحظات معرفتها بالحصول على حريتها بالسعيدة التي لا توصف، وأنه كُتبت لها عمر جديد بعدما كانت تعتبر نفسها في عداد من سيتم قتلهم.
لكن ذكرى تعتب على الحكومة الشرعية بعدم الوقوف معها بعد خروجها من المعتقل، إذ لا تتوافر مستشفيات خاصة لمعالجة المصابين بصدمات نفسية مروعة، مما اضطرها إلى اقتراض الأموال ومساعدة الآخرين لها بالسفر إلى مصر لتلقي العلاج، لكنها بحاجة للعودة إلى مصر مرة أخرى لاستكمال علاجها.