طفل الكارتون.. الطائر الذي يحمل أكثر من وزنه

متفرقات - Friday 14 February 2020 الساعة 09:00 am
إب، نيوزيمن، خاص:

يجوب القرى والمناطق سيراً على الأقدام حاملاً كرتون "تجارته" على ظهره وكتفيه، بعد أن شدهما بحبل متين.

طفل ريمة، محمد ناجي، بائع متجول عمره 13 عامًا فقط، يحمل كرتوناً وزنه غير متكافئ مع جسده لكن الحاجة أم الاختراع.

صادف محمد، أحد الناشطين والمصورين المحترفين، في مناطق ومرتفعات إب التي جعل منها هذا الطفل ساحة لبيع بضاعته.

حين سألنا عادل العبدلي، الذي تبنى متابعة حياة محمد في هذه التجارة البسيطة، أجاب بأنه دهش من نشاط الطفل القادم من جبال ريمة، ومن تجربته البسيطة في البيع والشراء، وقدرته على الصبر وتحمل كل المتاعب.

في الوقت نفسه تألم العبدلي لأن أمثال محمد ناجي "الريمي" يجب أن لا يكونوا خارج أسوار المدرسة طالما وأنهم بهذا العمر المبكر.

حاول عادل أن يختبر قدرة الطفل من خلال الكرتون الذي يحمله وكان يظنه خفيفاً وسهل الحمل، لكنه تفاجأ من وزن الكرتون وما يحويه من بضاعة متنوعة توازي بضاعة محل تجاري ثابت.

تجارة محمد

يسير محمد عشرات الكيلومترات يوميا حاملا كرتونا وكيسا آخر مليئا بالاكسسوارات من عطورات وأدوات تجميل، وخواتم فلصو، وألعاب أطفال، وذواكر وتوصيلات وشواحن، وإم بي ثري ولوازم الجوالات، وغيرها من الكماليات.

أين ينام

بعد مشوار طويل يتماهى جسد محمد بين أشعة الشمس وبرد الشتاء يلجأ آخر النهار إلى أحد دواوين القرية المفتوح أمام عابري السبيل أو المسجد أو "محراس" ليرتاح من رحلته.

والده يمر بظروف صحية نفسية وهو غير قادر على العمل والحركة، يستخدم أدوية مدى الحياة تجعله خاملا طوال الوقت.

يعيش مع والدته.. عدد إخوته 6 وهو أكبر الذكور، ولديه اختان متزوجتان، درس حتى الصف الخامس قبل يترك المدرسة ويبدأ العمل منذ عام.

مواجهة الموت

يقول محمد أثناء اقتحام مليشيا الحوثي الانقلابية منطقة "العود"، كان في السوق فاضطر للاختباء داخل دكان مع ابن عمه حتى غادر المقاتلون المكان. يومها شعر بالرعب والخوف معتقدا أنها النهاية.

محمد واحد من عشرات القصص القادمة من جبال ريمة، والتي تحولت إلى مشروع حياة لو لا قساوة الواقع وبشاعة الظروف التي خلقتها مليشيا الحوثي الإرهابية.

العودة إلى المدرسة

يحاول طفل ريمة ممارسة بعض الألعاب قبل أن تغيب الشمس، كأن يلعب كرة القدم أو يركب الدرجة الهوائية متناسيا عالم التجارة التي خطفت طفولته لبعض الوقت.
تفاعل العديد من المتابعين مع قصة محمد وقدموا بعض الدعم المادي والمعنوي على أن يعود الطفل إلى قريته في أحد مرتفعات ريمة يعانق أسرته ويتطلع إلى المستقبل من خلال فصول المدرسة.