غياب التعليم الجامعي بالمخا حطَّم أحلام خريجات الثانوية

المخا تهامة - Thursday 12 March 2020 الساعة 09:20 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

لمرات عدة حاولت سناء محمد، إقناع والدها بالسماح لها في الذهاب إلى عدن، للالتحاق بجامعتها، قبل أن تجد شهادتها الثانوية بلا قيمة، لكن القيود الاجتماعية التي تمنع الفتاة من الذهاب إلى مدينة أخرى بمفردها هي من تجعل والدها يرفض طلبها عند كل مرة.

فالخوف شكل عاملاً إضافياً للأب في منع ابنته التي يتجاوز عمرها العشرين، فلا أقارب لها في العاصمة المؤقتة، ولا مكان أمن تأوي إليه، كسكن للطالبات مثلاً.

تقول سناء، وهذا ليس اسمها الحقيقي، "إنها كانت من طالبات المخا المتميزات وحصدت معدل 92 في شهادة الثانوية العامة، وقد تمنت أن تكون يوما ما مبرمجة أجهزة الحاسوب ومتخصصة في ربط شبكات الانترنت، لكن عدم وجود جامعة في المخا حال دون ذلك".

تشعر سناء، بأن حلمها يتحطم، لكنها نادراً ما تستعيده، عندما تسمع تصريحاً لأحد مسؤولي السلطة المحلية، يبشر بافتتاح قريب لجامعة يلبي طموحات خريجي الثانوية من الجنسين، ممن عجزوا عن الذهاب إلى مدن أخرى للتعليم بسبب الوضع المعيشي الصعب وعدم مقدرة أسرهم على تحمل نفقات إضافية.

الأمر ينطبق على سهية، الفتاة التي يبدو عليها ذكاء متقد، وهي واحدة من خريجات الثانوية العامة، ولكم تمنت أن تكون طبيبة أطفال.

ولتلك الأمنية قصة قديمة عايشتها الفتاة عندما كانت في الصف الثاني ثانوي، عندما كانت مليشيات الحوثي تمطر أحياء المخا بقذائف الهاون، وكان السكان لا يستطيعون الخروج من المنازل بسبب كثافة القصف والرعب الذي تحدثه أصوات الانفجارات.

شاءت الأقدار أن تتسبب الولادة المتعسرة لجارتها ليلا في وفاة الجنين، كان ذلك أمرا مؤسفا لحدث يمكن تلافيه بسهولة لو ان طبيبة كانت حاضرة، فتوفر قدرا من الأمان للأم وجنينها، وتضمن لهما السلامة.

غير أن ذلك لم يكن متوافرا، فتوفي الطفل على الفور قبل أن يبصر النور، وهو مشهد مأساوي تمنت سهية لو أنها طبيبة لتقدم المساعدة، وهي أمنية لطالما بقت حتى اليوم.
إن عدم وجود جامعة في المخا، حطم آمال الفتاة العشرينية التي ظلت تستعد مرات لاختبارات القبول في الطب على أمل أن تسافر إلى عدن.

تقول، إن صعوبة الانتقال إلى مدينة أخرى للتعليم فيها ولد احباطا في نفوس كافة خريجات الثانوية في المخا، وخلف جوا من الاستسلام في أن التعليم الجامعي لفتيات المخا صعب لا يمكن تحقيقه الا للمقتدرات ماليا.

في لقاء جمعنا بجموعة من طالبات الثانوية العامة في المخا عبرن عن إحباطهن الشديد من أن ينتهي مستقبلهن على هذا الحال.

قالت إحداهن، إنها من أذكى طالبات الفصل، وتتمنى أن تلتحق بالجامعة عندما تنتهي من اختبارات الثانوية.
كانت تتحدث بحزن عن الظلم الذي يطال الفتيات من أن ينتهي مستقبلهن كطالبات يحملن الشهادة الثانوية فقط.
ومن بين الطالبات، نازحات قدمن مع أهلهن من صنعاء وذمار وإب والحديدة، وتساءلن بمرارة هل ينتهي حلمهن عند ذلك الحد.

يدرك الأستاذ نجيب غليبه، فداحة الظلم الذي وقعت فيه خريجات الثانوية العامة في المخا وهو احساس نابع من شعوره كأب لفتاتين ضاع مستقبلهما الدراسي.
يقول إن ابنته الأولى تزوجت وانتهى مستقبلها التعليمي عند الزواج، والأخرى أيضا في المنزل، لأنه لا يستطيع تحمل مصاريف إضافية لتعليمها في مدينة أخرى حتى وإن كان لديه أقارب تسكن إليهم في تعز.

وغليبة الذي ألحق ابنته بدورات تدريبية من أجل الحصول على وظيفة في إحدى المنظمات، يرى أن ذلك ليس كافياً، ولا يمكن مقارنة دورات تدريبية بالتعليم الجامعي، مما يعني أن حاجة المخا إلى جامعة حكومية يظل أمراً ضرورياً لاستيعاب خريجات الثانوية.