النبلاء في كل ملحمة يستشهدون..

تقارير - Tuesday 02 June 2020 الساعة 04:20 pm
نيوزيمن، كتب/ عبدالسلام القيسي:

فتحت الفيس بوك، الساعة الواحدة ظهراً، وكانت صورة نبيل القعيطي أول ما وجدته قبالتي، لم أعر الأولى والثانية انتباهاً، لكن الثالثة جعلتني أعود أدراجي فماذا يعني أن يحتفل الجميع وأغلبهم شماليون بالصحفي نبيل القعيطي وكانت الجريمة أنهم لا يحتفلون بل يبكون: أغتيل نبيل، يومنا هذا أمام منزله، يالله، بكاء، بكاء.

نبيل القعيطي، الصحفي، والمصور، والذي يحمل كاميرا، لا بندقية..

انتهى عصر النبلاء

نحن في عصر سافل، ومنحط، في زمن الحسابات الوهمية، والهاربون من أرضهم إلى المنافي الجميلة، في عصر أنيس منصور والألف حساب أنثوي، لو أردت أن تبقى مديدا عليك أن تتخلى عن أرضك وتبيع نفسك للطامعين في العالم البعيد، وتشتري الوهم، تنشئ حسابات بالآلاف في تويتر، وتنال من على شاشة الجزيرة من كل رجالات النضال، فنبيل كان النبيل، نبيل وإن اختلفنا معه كان يدافع عن خياراته بطريقته السلمية، بكاميرا تجسد لحظات العبث الشرعي بحق الجنوب فلم يعجبهم، ترك هذه البلاد تحكي سيرته من الشمال إلى الشرق، من الجنوب، إلى الغرب، في كل مكان، فالميقات ميقات الهاربين، الحياة لمن تركوا خلفهم كل شيء وفروا إلى غرف الفنادق، فشلوا كمقاتلين، فشلوا كصحفيين، ومصورين، بكل شيء..

والشهادة لنبيل، ومن مثله، والوطن..

من مأرب إلى الحديدة ثمة نبيل

تداوُلُ مرتادي التواصل الاجتماعي لنبيل القعيطي ثمة صور، الأولى في معسكر كوفل بمأرب وهو يدون بعينه للعالم ملحمة اليمنيين في دحر الحوثي من البقعة الشمالية، كما دونها في الجنوب من قبل، فلا فرق بين الجهات في سيرة الدفاع عن الجمهورية، نبيل ابن الجمهورية الأولى والثانية، كما أن له صورة في معركة تحرير الفازة في الحديدة، من مأرب إلى الحديدة ثمة نبيل كما قلت، من الشمال إلى أرض الشمال، وبينهما الجنوب، كان نبيل القعيطي روزنامة العالم لرؤية كهنوت الحوثي وهو يستبد، وهو ينهزم، وهو يجر أذيال الخيبة، نعم، ثمة نبيل.

>> أمين الوائلي ناعياً القعيطي: خسره الساحل الغربي.. خسره الشمال

روح نبيل تحوم في الشمال، يسكن الشمال في قلبه، حيث كانت عيناه كما كانتا عينا زرقاء اليمامة في بادية العرب القديمة، كاميرته تمثل عين زرقاء، حمتهم العين دهرا ثم فقئت بخسة العرب الجاحدين للجميل، هكذا كان العدو الذي لا يرى سبب ذهاب عيني اليمامة، كما هم الاخوة الأعداء الذين نعرفهم، نحبهم، نجهلهم، ونكرههم قتلة نبيل القعيطي، فثمة عدو تراه بعينك لتحذره، وثمة عدو تراه بقلبك فقط وتفشل في الحذر منه لتموت، فالشمال يا جنوبي يتذكرك، مأرب تبكيك، والحديدة، وبينهما تقف أنت من مثواك شاهدا على عظمة البلاد المخوزقة بالخونة، وعيال الخارج.

مات نبيل، عاش نبيل

لم تمت، خلدتك العصور المقبلة في واجهة العالم، المدن تعرفك، النسوة وهن أمام التلفاز يرقبن تدحرج رأس الإيراني يعرفن سحنتك، ولكن وهن ينتظرن تدحرج الكهف فوجئن بهم يقتلونك يا شهيد الحقيقة، فوجئن والمعركة في شقرة، ولسان حال عجوز وهي تسأل ولدها المتعلم: هل نقلوا عدن إلى صنعاء؟ لا، بل نقلت المعركة من تحرير صنعاء إلى غزو عدن. لم تفهم، فركت يديها بصمت.