قدِم إلى المخا في الثلاثينات.. الزبيدي ثائر الزرانيق ضد الإمامة ومؤسس كبرى محلايات المخا

المخا تهامة - Friday 19 March 2021 الساعة 10:38 am
المخا، نيوزيمن، إسماعيل القاضي:

سلسلة حلقات عن وجوه عاصرت المخا (2) 

تاريخ مدينة المخا حافل بوجوه وشخصيات عظيمة، سطروا زمناً جميلاً ليكونوا ممن خلدتهم مدينة القهوة، بمرور مرحلتها الخالدة فاتحة ذراعيها لكل من التجأ لها باحثاً عن الأمن أو الاستثمار ومنحتهم كل شيء.. 

سنبحث في عمق الزمن ونغوص في تاريخها نستذكر الأسماء والشخصيات التي عاصرت المدينة وازدهارها وعبرت منها إلى عوالم مختلفة.

من بين تلك الشخصيات، رجل قدم إلى المدينة مطارداً من جنود الإمامة بعد مشاركته في ثورة الزرانيق، وأصبح واحداً ممن تستذكرهم كلما ذاقت طعم الحلوى "أحمد حسن الزبيدي". 

قدم في مطلع الثلاثينات من القرن الماضي من شرق زبيد هارباً من بطش الإمامة الأولى بعد مشاركته في حرب الزرانيق على الإمامة برفقة قافلة من جمال وبغال مع تجار تهامة. 

وجد الرجل في المدينة ضالته حيث كانت تعيش ازدهاراً وحركة نشطة لحركة السفن ونقل البضائع وتصديرها وعمل في سوق المدينة لمرحلة من عمره. 

بدأ في صناعة الحلويات في بيته وبيعها في سوق المخا القديمة جوار البئر في مدخل المدينة الشرقي، كانت تجارة رابحة، ثم أنشأ مصنعاً بعد أيام لإنتاج الحلويات في منزله بحارة الجعدي.

>> قدِم إلى المخا في الخمسينات وأصبح من وجهائها: عبدالحق.. جار الأصنج وهائل سعيد وكافل المشرَدين

تزوج في المدينة ونصحه تجار يرتادون القرن الإفريقي لاستثمار مهنته المتنامية بصورة كبيرة في جيبوتي، ومكث فيها بائعاً للحلويات، ومع افتتاح السوق الجديدة في أواخر الأربعينات عاد وافتتح محلته في السوق جوار البحر والقنصليات الخارجية حيث كانت مركزاً للتجارة والبن وملكة القهوة. 

يقال إن الطاغية أحمد زار المخا وأكل حلاوة الزبيدي، وكان يرتاد محله أثناء قدومه إلى المخا، وبعد الثورة زاره الرئيس الحمدي.

أما ما قبل ذلك فقد تردد عليه ضباط الجيش في معسكر خالد بن الوليد ومنهم الضابط الرئيس علي عبدالله صالح قبل أن يُعين في لواء تعز، رحمة الله تغشاه. 

خلف أحمد الزبيدي ابناً وبنتين، تعلم ابنه يوسف الزبيدي عمل والده، وكان يتمتع بشجاعة أبيه وكرمه، وكسب خبرته في صنع الحلويات وحلاوة الزبيدي التي ازدادت شهرة واسعة في اليمن. 

جانب عن سيرته الخيرية

كان من أعيان شرق زبيد، تعلم الفقه والعقيدة من معلامات زبيد وعلمائها، وعند شبابه كان محباً لانتمائه وللقبيلة، وخاض معها حروباً طويلة ضد العثمانيين، ومن ثم ضد الإمامة الملكية في حروب طويلة مع الزرانيق. 

خسرت مقاومة الزرانيق بعد أن كسرت عنفوان الإمام الأول وسحقت كبرياءه، فر ضمن قيادات الثورة الزرنوقية بعد ملاحقات عديدة ونجح في دخول المخا ومنها كوّن ذاته ومهنته التي ما زالت حتى اليوم باقية توارثها أحفاده. 

قيل عنه أنه كان يساعد الفقراء والمساكين ويلبي دعوة المستغيث، وإذا سمع أن شخصا بحاجة مساعدة أو ألمت به مصيبة سارع إلى مد يد العون دون معرفة الناس ذلك، يعود من محلايته ويخرج منها ما شاء ويذهب لإعطائها الفقراء. 

في السوق القريب منه يتمحور تاريخ المخا العظيم أنها عاشت فترة زاهية شهدت فيها افتتاح النادي والمركز الثقافي ودار السينما والمسجد والسوق في مربع واحد. 

عاش أحمد الزبيدي عمره محاربا للامامة في مهدها الأول، وعندما نجحت الثورة كان منتشيا إزاء هذه النجاح الذي حققته الثورة بانتصارها على الإمامة في 1962م وزع الحلوى على الناس بذلك اليوم وتغيرت حياة الناس بعد ذلك وبقيت المخا تعيش بعيدة عن دفع الاتاوات التي فرضتها الإمامة وانتقل الحكم إلى جمهورية. 

بعد موته عن عمر ناهز 70 عاماً بعد حياة حافلة بالثورة والنجاح والعمل، تقلد عمله ابنه يوسف وكان محب العمل كأبيه، وبقي محافظاً على طعم ومذاق الحلوى إلى اليوم، حيث يدير المحلاية ومصنع الإنتاج الذي أسسه الجد في أربعينيات القرن الماضي الحفيد حسن يوسف أحمد الزبيدي عن أبيه عن جده. 

وستظل المدينة سخية لكل من يأتيها طالباً الأمن والسلام، تخلد من مر منها وترك بصمته حتى اليوم كهذا الرجل الثائر منذ طفولته وشبابه.