البركاني جنوباً وجباري شمالاً.. تهاوي شرعية العبث والفساد

تقارير - Tuesday 03 August 2021 الساعة 07:35 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

بغرفة تبدو وأنها "بدروم" تحت الأرض، نشر نائب رئيس مجلس النواب عبدالعزيز جباري على حسابه الشخصي في "الفيس بوك" صورة لترؤسه اجتماعاً عسكرياً في مأرب لقيادة الجيش والمحافظ أمس الأحد.

الاجتماع ضم وزير الدفاع الفريق محمد المقدشي، ورئيس هيئة الأركان العامة الفريق صغير عزيز، ورئيس العمليات الحربية اللواء ناصر الذيباني، وبحضور المناضل الشيخ سلطان العرادة محافظ المحافظة.

"الأمور طيبة، والمطلوب الدعم الكافي للمعركة"، بهذه العبارة يختتم جباري منشوره المقتضب حول الاجتماع، إلا أن تفاصيل صورة الاجتماع التي نشرها جباري لا تشير فعلاً إلى أن "الأمور طيبة" كما قال، ولا مضمون العبارة يوحي بذلك أيضاً. 

فالصورة تشير بوضوح إلى الحال الأمني والعسكري الذي وصلت له مدينة مأرب التي تشهد معارك طاحنة منذ 5 أشهر تقريباً على حدودها أو ضواحيها، لصد محاولات مليشيات الحوثي التقدم نحوها بالتزامن مع هجمات متكررة بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة لمحاولة اصطياد قيادات الشرعية وجيشها في المدينة.

ومع غياب منظومة الباتريوت الدفاعية التي تم سحبها من المدينة أواخر 2018م بعد إعلان الإمارات سحب تواجدها العسكري من اليمن، بات عقد أي اجتماع مدني أو عسكري لقيادات الشرعية في مقراتها المعروفة بالمدينة أشبه بمحاولة انتحار، ما حد من هذه الاجتماعات ويتم عقد الضروري منها في غرف ضيقة تحت الأرض.

وهو ما تعكسه صورة الاجتماع الذي نشرها جباري، كدليل جلي على وضع الشرعية في أهم معاقلها في الشمال، وتشكل آخر مدينة رئيسية تسيطر عليها في الشمال، إذا ما استثنينا تعز، حيث لا تسيطر الشرعية أو قوات الإخوان بالأصح على كامل المدينة.

بل إن وضع مدينة مأرب يعد أفضل حالاً من وضع مدينة تعز التي تتمركز مليشيات الحوثي على تلال مطلة على المدينة ويمكنها استهداف أي موقع فيها وبشكل أسهل من مأرب التي لا تزال على بعد 15-25 كم عنها. 

محصلة تبدو مُرة لواقع الشرعية بعد 6 سنوات من العبث الطويل في إدارة المعركة مع جماعة الحوثي، جراء سيطرة جماعة الإخوان، حولت المعركة لمصالح وأهداف التنظيم الدولي للإخوان من جهة، بالتحريض على أهم أركان التحالف وهي دولة الإمارات التي كان لها الدور البارز في تحرير مارب وتأمينها من صواريخ الحوثي.

 ومن جهة أخرى حولت الجماعة ولوبي الحرب المسيطر على قرار الشرعية، المعركة مع الحوثيين إلى وسيلة للتربح والتكسب المالي، أعاق تحرير الشمال بل وأسقط ما تم تحريره بيد مليشيات الحوثي.

امتد عبث الإخوان ومافيا الحرب إلى الجنوب الذي استطاعت مقاومته تحريره في أشهر معدودة من بداية الحرب، مع عجز الحوثي عن الوصول إلى أكبر محافظاته وهي المهرة وحضرموت، ما جعل من الجنوب محرراً بالكامل خلال العام الأول من الحرب.

وبدلاً من استغلال وضع الجنوب المحرر كقاعدة لتحرير الشمال، كان جماعة الإخوان ومافيا الحرب ترى أن كل ما ليس تحت سيطرتها وسيطرة مليشياتها، يعد غير محرر، ولا بد من تحريره، فخاضت حروباً ضد الجنوب عسكرياً وبأوجه أخرى كالخدمات والاقتصاد.

ولد هذا العبث مشاعر غاضبة لدى شريحة واسعة من أبناء الجنوب، باتت ترى في الشرعية وقيادتها استمراراً لنظام الاحتلال اليمني الذي اجتاح الجنوب في صيف عام 94م، وهو ما انعكس خلال الأيام الماضية بالزيارة التي يقوم بها رئيس مجلس النواب سلطان البركاني محافظتي المهرة وحضرموت.. حيث شهدت المحافظتان فعاليات شعبية تنوعت بين المظاهرات والعصيان المدني رفضاً لفكرة عقد جلسات مجلس النواب في حضرموت أو في المهرة بشكل قاطع، واعتبار ذلك "شرعنة لاحتلال الجنوب"، وذات الرفض عبر عنه نشطاء جنوبيون على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف.

تعكس هذه الصورة الحال المُهين الذي وصلت له الشرعية بالعجز عن تأمين مقر لبرلمانها في مدينة من المدن المحررة في الداخل، فالعبث الإخواني حرمها من ذلك شمالاً وخلق لها العداء مع أبناء الجنوب.