من العملة والتعليم الى تأشيرات السفر.. "الانفصال" الحوثي المدعوم "إخوانياً"

تقارير - Saturday 07 August 2021 الساعة 07:32 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تواصل جماعة الحوثي خطواتها العملية لتثبيت ملامح دولة خاصة بها في "الشمال" وفصلها بشكل كامل عن المناطق المحررة والتي تشكل محافظات الجنوب غالبيتها، بصورة أشبه بإعلان انفصال رسمي بين الشمال والجنوب.

تبرز ملامح "الانفصال" على الأرض من خلال بقاء غالبية شمال ما قبل عام 1990م تحت سيطرة جماعة الحوثي باستثناء مدينة مأرب وبعض المديريات المحيطة بها ونحو 55% من مساحة محافظة تعز و20% من محافظة الحديدة، يضاف لها الأجزاء الصحراوية من مأرب والجوف.

بالمقابل لم تكمل الحرب عامها الأول إلا مع تطهير كافة الأراضي التي كان يشغلها الكيان السياسي للجنوب قبل عام 90م "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، وظل المشهد على ما هو لأكثر من أربعة أعوام، ما كرس مشهداً "انفصالياً" على الخريطة بجنوب محرر وشمال شبه خاضع لسيطرة الحوثي.

ولم يتوقف المشهد كتداعيات للموقف العسكري، بل اتجه فعلاً نحو تكريس الانفصال الحوثي بمناطق سيطرته في الشمال وفصلها عن المناطق المحررة بشكل عملي وعلى أكثر من وجه.

وتظهر ملامح هذا التوجه "الانفصالي" بشكل واضح في الجانب الاقتصادي، والذي دُشن مع قيام جماعة الحوثي بمنع تداول العملة الجديدة الصادرة عن البنك المركزي في عدن عام 2018م، ما أوجد انقساما في قيمة العملة بين مناطق الشرعية والحوثي وصل مؤخراً إلى نحو 40%.

خطوة وصفها الخبير الاقتصادي مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، بأنها "أخطر خطوة لتقسيم اليمن من الناحية الاقتصادية خلال المرحلة الراهنة"، وجاء حديثه بعد إصدار المركز تقريراً في فبراير الماضي حذر مما أسماه "الفصل القسري لليمن اقتصاديا"، تعليقاً على منع الحوثي للعملة الجديدة.

 تحذيرات لم تعبأ لها إدارة البنك في عدن إلا قبل أسبوع فقط، حيث أعلنت عن ضخ كميات كبيرة من العملة المحلية فئة الألف ريال ذات الحجم الكبير إلى السوق وفي كافة مناطق البلاد لمعالجة "التشوهات السعرية بالعملة الوطنية"، وهي فارق الصرف بين صنعاء وعدن.

إلا أن الخطوة سرعان ما فشلت بعد وقف البنك ضخ هذه الفئة من العملة، بعد انتشار عشرات السماسرة أمام البنك المركزي وفروع البنوك لشرائها من المواطنين والموظفين مقابل دفع 1200 -1400 ريال من فئة الألف الريال ذات الحجم الصغير بهدف نقلها إلى صنعاء.

وإلى جانب العملة كان لجماعة الحوثي إجراءات "انفصالية" أخرى ذات طابع اقتصادي، بإنشاء منافذ جمركية بالقرب من مناطق التماس، لفرض عملية جمارك على السلع والسيارات القادمة من المناطق المحررة، واعتبارها قادمة من دولة أخرى.

أما الملف الأخطر فكان "الانفصال" في ملف التعليم، جراء عبث مليشيات الحوثي بمناهج التعليم في مناطق سيطرتها وإدخال أفكارها الطائفية والعنصرية عليها، ما فرض على الحكومة الشرعية فصل العملية التعليمية بشكل كامل، ليصبح هناك أوائل ثانوية عامة خاصة بمناطق الشرعية وأوائل ثانوية عامة خاصة بمناطق الحوثي.

(تفخيخ العقول.. جريمة الحوثي المسكوت عنها بضجيج الإخوان)

أحدث خطوات "الانفصال" الحوثي، كشفت عنها وثيقة صادرة عن الهيئة العامة للنقل البري بصنعاء، الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، وشملت عددا من الإجراءات بحق المسافرين وسائقي حافلات النقل الجماعي، تطبق بين الدول وليس داخل حدود الدولة الواحدة.

حيث تشير الوثيقة إلى قيام مصلحة الجوازات الخاضعة لسيطرة الحوثي بفتح مكاتب للجوازات في كل من منطقة عفار بمديرية الملاجم شمال محافظة البيضاء، ومنطقة الراهدة جنوبي محافظة تعز، وهي نقاط تقع على أهم الطرق الرابطة بين مناطق سيطرة الحوثي والمناطق المحررة.

الهيئة وجهت في تعميم لها إلى مديري شركات النقل الجماعي الدولي والمحلي، ومكاتب تأجير السيارات، شمل عددا من الإجراءات، منها "عدم تحرك أي سائق أجنبي أو عربي من مقر انطلاق الباص ما لم يكن حاصلا على تأشيرة خروج أو عودة على جواز سفر من مصلحة الهجرة والجوازات في صنعاء".

ومنعت الهيئة تحرك أي سائق حافلة من جنسيات عربية أو أجنبية يحمل تصريحًا من منافذ المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة الشرعية، كما فرضت على مكاتب شركات النقل الجماعي، إضافة خانة لجنسية المسافر أمام اسمه، وكذلك خانة تدون عليها نقطة الركوب على كشف ركاب الرحلة الذي برفقة السائق.

تمضي جماعة الحوثي في مشروعها "الانفصالي" وترسيم ملامح دولتها في الشمال، مستفيدة من التقدم العسكري الذي تحرزه جراء جمود وانهيار جبهات الشمال الخاضعة لإدارة النائب علي محسن الأحمر وجماعة الإخوان، في الوقت الذي تكرس فيه الجماعة وجنرالها العجوز الهجوم إعلاميا ضد الانتقالي وعسكرياً ضد عدن تحت لافتة "الحفاظ على الوحدة".